[email protected] جاء الدين الإسلامي خاتما ومكملا للأديان السماوية السابقة ليبقى عنوان الأخلاق قاسما مشتركا بين الأديان السماوية لتثبت للبشر أجمع أن وحدانية المُشرّع سبحانه وتعالى لكافة الملل والأنبياء والرسل، ويبين لنا التاريخ أن كل أمة نهضت نهضة جبارة وكل حضارة ازدهرت وتطورت، كان بفضل أبنائها الذين ملكوا نفوسا قوية، وعزيمة صلبة ماضية، وهمم جبارة وأخلاق حميدة، وسيرة فاضلة، وتماسك فيما بينهم، وترابط بين عائلاتهم، وهؤلاء ابتعدت نفوسهم عن سفاسف الأمور ومحقرات الأعمال، ورذائل الأفعال ولم يقعوا فريسة للانحلال والفساد أو أسرى الملذات والشهوات، أو مطية للجهل والتخلف، بل انطلقوا بقيمهم ومبادئهم هذه حتى بنوا حضارتهم وأمجادهم ونهضتهم. ولقد صحَّ عن النبي –صلى الله عليه وسلم– أنه قال «إنما بُعِثْتُ لأتممَ مكارم الأخلاق»، وهذا يدل على أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام، بدليل ورودها في الحديث النبوي الشريف على أنها أحد أسباب بعثة النبي الكريم إلى الأمة كافة. كانت الأخلاق سببا في دخول بعض الأمم في الدين الإسلامي الحنيف لما عرفته تلك الأمم عن المسلمين من أخلاقهم، حيث كان التجار المسلمون يصلون إلى البلدان البعيدة، ويتصفون بالأمانة، والصدق في البيع والشراء، والسماحة في التعامل، وهذه الأخلاق أتاحت الفرصة للكثيرين كي يدخلوا في دين الله. قضت تعاليم الدين الإسلامي الحنيف أن تكون الأخلاق الحسنة سببًا في دخول الإنسان الجنة، فهي عبادة يؤجر عليها الإنسان، وقد ورد العديد من الأحاديث النبوية الشريفة عن النبي الكريم يتحدث عن فضائل الأخلاق، وأثرها على ثقل الميزان الذي يرجح كفة الأعمال الصالحة يوم القيامة. إن إقران الأخلاق الحميدة بالعديد من الفرائض في الدين الإسلامي يدل على أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام، فالصيام من أركان الإسلام، ويجب أن يقترن الصيام بالسكينة، وعدم الصخب، أو مشاتمة الناس، حتى يصل إلى أعلى درجاته، وينال به الإنسان رضا الله تعالى، وأهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام نابعة من أثر الامتثال بالأخلاق الحميدة على المجتمع المسلم، وكيف أن المجتمع الذي يتمتع أفراده بالأخلاق الحسنة يكون ذا شأن عظيم، ونوجز أهم هذه الآثار المترتبة على الامتثال بالأخلاق الحسنة، شيوع المحبة والألفة بين الناس وحدوث التكافل الاجتماعي ونبذ أسباب الفرقة والاختلاف في المجتمع المسلم وشعور الناس بالراحة بسبب الأمان الذي يحس به أفراد المجتمع وكذلك تعاون المسلمين فيما بينهم من أجل تحقيق المصالح المشتركة، ونزع الغلظة من قلوب الناس، ووجود حالة من التسامح بين مختلف أطياف المجتمع المسلم. ونختم مقالنا بمعادلة الخوارزمي الشهيرة والذي خلّدها لنا التاريخ الإسلامي وحفظها منذ عدة قرون. حيث سُئِل [الخوارزمي] عالم الرياضيات عن الإنسان فأجاب: إذا كان الإنسان ذا أخلاق، فهو =1 وإذا كان الإنسان ذا جمال، فأضِف إلى الواحد صفراً =10 وإذا كان ذا مال، أيضاً فأضِف صفراً آخر =100 و إذا كان ذا حسب ونسب، فأضِف صفراً آخر =1000 فإذا ذهب العدد واحد وهو الأخلاق، ذهبت قيمة الإنسان وبقيت الأصفار (000) انتهى.