أصبح اتهام الكاتب بالبحث عن (الشعبوية) هو الرد الوحيد للعاجز عن مقارعة الحجة بالحجة وغير القادر عن تبرير قصور إدارته أو مؤسسته أو وزارته، وهذا وربي أمر مضحك، فكيف تتحول الحال من نقد وانتظار تفنيد النقد أو تبرير القصور إلى تبرير أهداف الناقد ونواياه، ومنها اتهامه بالبحث عن الشهرة أو ما يسمونه (الشعبوية)؟!. قبل أن ندخل في المقارنة بين مكاسب وخسائر الكاتب من نقد قطاع أو وزارة أو وزير أو فئة موظفين، دعونا أولا نتفق على أن الرد على الرأي يكون بطرح الرأي الآخر لا الهروب إلى الأمام بالتشكيك في سبب طرح الرأي!. الملاحظ أن كل من أعيته الحجة أصبح يهرب إلى اتهام الناقد بالبحث عن (الشعبوية)، حتى عند نقد الخدمات العامة واضحة القصور يخرج من يرد بالقول إن الكاتب يبحث عن زيادة المتابعين أو كسب تعاطف الغالبية أو ما يطلقون عليه الشعبوية، أي أن الاتهام لم يعد قاصرا على من يذب عن الدين أو يدافع عن شعيرة، فيتهم بمداعبة عواطف الغالبية والبحث عن شهرة، بل أصبحت تهمة جاهزة حتى لمن ينتقد خدمات عامة لقطاع خاص أو حكومي!. تنتقد غش التجار فيتهمونك بالبحث عن الشعبوية، تنتقد البنوك فتتهم بالبحث عن الشعبوية، تعري خيانة عدد من الأطباء لشرف المهنة الشريفة فيتهمونك بذات الاتهام (البحث عن الشعبوية)، وهكذا ترى إدارة العلاقات العامة في وزارة أو هيئة أو مؤسسة تتعرض لنقد قصور صريح!. يا جماعة الخير: لا تخطون واعملوا بضمير وإخلاص واحترام للمهنة وأمانة وعدم فساد، وفوتوا علينا الحصول على (الشعبوية) بل احصلوا عليها أنتم!. وأخيرا لا بد من تذكير هؤلاء (المساكين) المصابين بمرض الشك في النوايا أنه لا مجال للمقارنة بين خسائر من ينتقد بجرأة وإخلاص ومكاسبه، على الصعيد الدنيوي، فالخسائر تفوق المكاسب بكثير جدا، فيكفي أنك محارب أينما حللت في موقع فساد حاربته، وهل أشد من كيد فاسد؟! ومصالحك المستحقة (وظيفيا وتجاريا وعقاريا وربما اجتماعيا) مهددة بنفس قدر صراحتك في انتقاد أشخاص بمقدورهم تعطيل مصالحك. فعن أي (شعبوية) تتحدثون وبأي حجة واهية تتحججون؟! الشعبوية باختصار صعبة وثمنها خسائر قوية للناقد تهون أمام مكاسب كبيرة للوطن.