كنت طوال الأسبوع الماضي أقرأ عن تاريخ نشرات الأخبار. وعن تاريخ أول نشرة أخبار في كل بلد وكيف تطورت النشرات الإخبارية ووضعت لها مقدمات موسيقية وجرافيك وتتر. وكيف بدأت بمذيع واحد ثم مذيع ومذيعة ثم زاد عدد المذيعين مع زيادة جوانب الأخبار التي تتناولها النشرات من سياسية واجتماعية ورياضية واقتصادية إلى جانب أحوال الطقس ومراسلين ومصورين من كل بقاع الأرض. ومما قرأت عن مفهوم الأخبار بأنها: (مجموعة من الأدوار التي تلبي احتياجات الجمهور الفسيولوجية والنفسية، فالطبيعة البشرية تسعى دائماً إلى التعرف على كل ما هو جديد، واكتشاف الأحداث التي تقع في البيئة المحيطة مما يساهم في تشكيل اتجاهات وآراء الجمهور نحو قضايا معينة). ودليلي المفضّل على أن نشرات الأخبار تؤثر في وجدان الجمهور وتشكل اتجاهاته هو الاحتفاء السعودي والحنين الكبير لمذيعي النشرة في القناة السعودية الأولى وأحدهم مذيع النشرة الجوية «حسن كراني» الذي قوبل حسابه في «تويتر» منذ انطلاقه بمشاعر حب غامرة من المتابعين مع تكرار بعض لزماته وطريقة نطقه للمدن السعودية ودرجات الحرارة. لكن السؤال الذي ظل في بالي أثناء القراءة هو: هل يساء تقديم نشرات الأخبار في العالم بحيث تفقد مصداقيتها وموضوعيتها في نقلها للأحداث الجارية؟ أعتقد أن ذلك يحدث باستمرار وعلى شاشات أعرق القنوات الإخبارية، إنما هي نشرات تعمية وتضليل للرأي العام فهي لا تسرد قصة الخبر منذ بدايته، بل تخبرنا بالحدث الآني وعدد القتلى وإن توفرت لهم صور دامية. لكنها لا تخبرنا بالجندي الذي ترك أطفاله وخرج للحرب ولا عن الرئيس الذي اتصل برئيس الدولة الأخرى ليسترحمه ويترجاه. لا تحكي لنا عن المصالح والأطماع والخطط وتقسيم الغنائم. لا تروي الجزء الأكبر من قصة هؤلاء القتلى. لا يسردها المذيع ذو البدلة الأنيقة على مسامعنا. وحين استضافوا المحلل الإستراتيجي عبر الأقمار الصناعية لم يسمحوا له بأن يخبرنا بشيء ذي بال؛ لأن مداخلته قصيرة ولدى المذيع أخبار أخرى عليه أن يقرأها قبل انتهاء زمن النشرة.