وقع الصدمة كان ومازال كبيرا جدا بوفاة أخي مصطفى، فهو لم يكن شقيقي فقط، بل كان أبي، ولكل من عرف هذا الإنسان بجسارته وبأستاذيته وبإخلاصه في العمل، كل من تعامل مع مصطفى إدريس، يدرك ويعرف تماما أنه تخرج من جامعة - لا أقول هذا الكلام مبالغة أو ثناء لأنه شقيقي - فمصطفى كان -رحمه الله- حالة استثنائية في الصحافة السعودية، بل على المستوى الخليجي والعربي دون مبالغة، لأنه كان بارعا في كل شيء. مصطفى إدريس حالة نادرة وفريدة وربما لن تتكرر، أخلص وأعطى عمره كله في سبيل الصحافة، فقد كان صاحب العناوين البراقة واللافتة دائما وأبداً، يقسو على من لا يتعلم الصحافة بشكلها الصحيح، لكنه وفي نفس الوقت يحتويك بالحب والعطاء. كان مصطفى نموذجاً في التضحية والإيثار من أجل الغير، وسيظل رمزاً إعلامياً غير مسبوق لما تفرد به صفات وخصال. مازالت عالقة في ذاكرتي تلك الزيارات إلى مبنى جريدة عكاظ مع الفقيد، حيث مراحل صناعة المادة من الألف إلى الياء، كنت أتعلم منه كيف تكون المهنية العالية، وكيف تكتب الكلمة الصادقة وكيف تصنع الصحافة الأمينة، وكيف ينقى الرأي ويصفّى حتى يحقق أهدافه. رحم الله مصطفى إدريس الأب والأخ والإنسان...