صحة الإنسان والمحافظة عليها لا تأتي فقط من خلال الطب والأطباء والدواء، فقد يفقد أحدنا حياته وهو بكامل صحته وهو في منزله الذي شيده حديثا أو اشتراه أخيرا، نتيجة هبوط مفاجئ في الأساسات أو انهيار كلي نتيجة خطأ في الأوزان المحملة على المبنى، أو يتناول نوعا من الثمار في حديقة المنزل، لينتهي به الأمر إلى مقبرة الأسد أو أمنا حواء!. يذهب أحدنا للمستشفى، وليس بالضرورة لعلاج حالة مستعجلة أو مستعصية قد تؤدي إلى وفاة! يبحث عن طبيب، وليكن عظام، أسنان، تنحيف، أو تجميل، لايعرف عنه شيئا إلا اسمه أو صورته المعلقة في لوحة الاستقبال وهنا تكمن المفاجأة الدفع مقدما، دون مفاصلة، وغالبا ما يكون المبلغ باهظا، وطبعا حسب تخصص ورتبة الطبيب (استشاري، أخصائي، عام) مقارنة بعدد الدقائق المحددة للمقابلة!. غير مسموح لك بالبقاء لفترة أكبر، فحضرة الطبيب الذي يعمل في المستشفى (الحكومي) صباحا تعاقد للعمل في المستشفى الخاص مساء ولمدة ساعتين – يعني أقسم 120 دقيقة على 15 دقيقة ويأتيك العدد 8 ويكون الإجمالي 2800 ريال ومن غير التحاليل والأشعة والتي عادة ما تكون أضعاف ذلك! وبالنظر في الجهة الأخرى إلى المهندس أو المحامي، فيأتي الزبون ويدخل المكتب الهندسي أو الاستشاري، ودون موعد على الأغلب، ويتم تدليله بتقديم الضيافة المطلوبة، والتي يستحيل أن تراها عند الطبيب أو حتى في المستشفى الاستثماري نفسه وكأنك تدخله ببلاش!، وهنا تكمن المفارقة. استشارة مجانية دون دفع مقدم أتعاب كشفية، وقد تطول لساعات وتجهد لكي يتفهم نوعية الخدمة المقدمة له! يجري تقديم عرض فني ومالي على شكل تقرير أو تقارير مطبوعة بشكل أنيق وبالألوان وعند طرح الأتعاب، تجده قد بدأ بالامتعاض لإدخاله لنظرية الشك (بعكس الطبيب المحمي من وزارته ومستشفاه ولا ندري إن كان مزورا أو مشبوها. وأخيرا يقوم صاحب المكتب شخصيا بتقديم تلفونه الخاص مع البزنس كارد – 24*7 لعلك ترضى عن عمله وتتعاقد معه بعد أن تفاصله وباستماتة عن السعر المقدم. موضوع الأتعاب والأسعار أصبح محيرا وربما مزعجا في كثير من الأحيان، ولا أدري إذا ما كانت وزارة التجارة أوالهيئة السعودية للمهندسين هي المسؤولة عن ذلك أو ربما جهة أخرى كوزارة العمل أو الشؤون البلدية!. لا تفرح كثيرا إن نجحت في مفاصلة المهندس أو المحامي في أتعابه، فقد يقدم لك النطاق الضيق في الاستشارة أو العمل ولن تجده متفانيا في عمله نتيجة ذلك! وطالما لا توجد هناك جهات رقابية سواء على جودة البناء أو حتى صحة الاستشارة فلك أن تندم وتتحسر على قرارك البائس في المفاصلة. هناك أمور كثيرة تجري في المحاكم تكلف أصحابها الملايين من الريالات وقد تؤدي بهم إلى الوفاة أو السجن نتيجة قرارات غير صائبة وتقديرات غير مرضية للأطراف!. من يتحمل أخطاء الأطباء والمستشفيات؟ ومن يتحمل أخطاء المهندسين والمكاتب الاستشارية؟ من يتحمل أخطاء المحامين والمحاكم! وإن كانت الاستشارة الطبية أو القانونية، والتي ربما لا تتعدى الدقائق المحدودة، بمقابل مادي فمن الطبيعي أن يعيد المهندس النظر في أتعابه وطريقة تعامله، فالوقت من ذهب، والخبرة المهنية مطلوبة في وجود تأهيل وتصنيف هندسي يلتزم به الجميع.