لعلي لا أكون مبالغا إذا ذهبت إلى حقيقة أن القمة التاسعة والعشرين استطاعت أن تبعث من جديد موات آمال كثيرة دفنتها الأيام وتجاوزتها.. وانغمس العالم العربي والإسلامي وسط دوامة العنف وإراقة الدماء شلالات تجري على الأرض لترسم مدى قساوة الإنسان وظلمه لنفسه ولأخيه الإنسان.. ولتفشي سيادة القوة وأسلوب الغاب.. حيث القوي هو من يفرض إرادته ويملي والضعيف المغلوب ينصاع ويكتب. قمة الظهران وإدارة سلمان حقيقة لا تقبل المراء ولا المزايدة.. لقد جاءت هذه القمة في بلد قبلة الكون لتكون صادقة وواعدة.. إذ استقصت في وقت قياسي جميع ما أدرج على جدول القمة.. قمة القدس كما أسماها خادم الحرمين الشريفين. وما استرعى الانتباه والاهتمام هو أنها قد انعقدت وسط بوتقة الهزيمة والانكسار.. واشتعال أطماع الأشرار الذين يحلمون في خضم القرن الحادي والعشرين وسط شلالات النور والتقدم العلمي والحضارة الإنسانية.. وما زالوا يمارسون تعاطي ثقافة القرون الجاهلية لإشباع نزواتهم.. والتي ما كان لها أن تتحقق لولا عنفوان أطماع الدول الكبرى.. واستخدامها لسلاح الفيتو.. الذي تنهار أمامه إرادة دول العالم وأدواتها.. وهو (عار) على جبين العالم.. إذ إنه يعطي لقلة من الدول الحق لمن لا حق له.. ويقف دون تحقيق شرعة القانون والأعراف الدولية. قمة القدس إن انعقاد القمة العربية في الظهران يكتسب أهمية خاصة في هذا الوقت لما تمر به المنطقة من أحداث.. ويؤكد على أهمية المملكة ودورها في الإجماع العربي ودور خادم الحرمين وجهوده الدؤوبة في البحث عن حلول عادلة وسلمية تقوم على الحوار في جميع القضايا العربية.. جاءت هذه القمة لتلملم شتات الأمة وتوحد كلمة الصف تمثل ثقلاً يجعل له مكانة فى حسابات الآخرين يشار إليها بالبنان.. ولقد برع الملك سلمان في احتواء هذه القمة والتي أسماها قمة القدس.. فكان الإجماع وكان البيان.. بيان القمة يبعث الأمل فى إحياء وحدة الأمة العربية والإسلامية لتكسر شهوات الطامعين. بيان القمة ولعل القراءة المتأنية تستقصي ومن خلال المقررات التي صاغها المجتمعون.. نجد فيها الأمل في رسم إستراتيجية جديدة والوقوف في وجه أعداء الأمة في سورية والعراق وإيران (السنة) وفي مصر واليمن والصومال وليبيا ولبنان حيث يقتل الأخ أخاه.. وحيث يقتتل أبناء الوطن الواحد دونما هدف وإنما لإشباع نهم ونزوات شيطانية يحكمها أفق ضال.. وهي تجري (وبكل أسف) على مسمع ومرأى من العالم.. كل العالم دونما رادع يحمي المقدرات والأرواح.. وكأن بيع السلاح هو الأهم وهو الذي يغذي هذه الأطماع وهذه الشرور.. ولعل القمة القادمة تضعنا أمام ما يؤكد نجاح القرارات وفق معدلات نجحت في تحقيق الجزء الأوفى من تطلعات الأمة وشعوبها. فعاليات المناورة الختامية لتمرين درع الخليج المشترك وجاءت هذه المناورة التي خطط لها ودبرها ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان مبرهنة على مصداقية ارتفاع العضل النفسي والروحي ومتانة الإيمان.. والثقة في قدرات أبناء الخليج ومن معهم.. وإنهم يشكلون درعا واقية لصد الأعداء.. ولعل من إقرار الواقع حق الشكر كل الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وكل من أسهم في الإعداد لقمة القدسبالظهران.. ولكل الزعماء العرب والمسلمين.. ولعل الأيام القادمة تتيح لنا قراءة ما جاء في البيان وما تحقق منه.. الأمر الذي يعزز الثقة في القيادات ويجعلنا والعالم من خلفنا نحرر شهادة نزكي فيها هذا المؤتمر.. ونعيش مع الآمال العريضة في هذه النقلة النوعية.. والتي من شأنها أن تضخ في الدم العربي والإسلامي طاقة حيوية جديدة.. تقوى على الاستمرار في جدية وصدق لتحقيق آمال الأمة العربية والإسلامية.. وحسبي الله ونعم الوكيل. *كاتب سعودي [email protected]