ضمن جهود وزارة البيئة والمياه والزراعة إطلاقها عددا من المبادرات الوطنية الطموحة المواكبة لبرنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030، ومنها مبادرة تطوير قطاع النحل، إذ أقامت أخيرا منتدى النحالين الوطني الأول بمدينة الطائف، والذي هدفت منه لعرض خطة تطوير القطاع على النحالين والجهات الحكومية ذات العلاقة وعلى الباحثين والمهتمين بهذه المهنة، لرفع مستوى الجودة والإنتاج وإيجاد الحلول للعوائق والتحديات التي تعترضه. وحصل قطاع العسل السعودي خلال السنوات القليلة الماضية على الميداليات الذهبية والمراكز المتقدمة في العديد من المحافل الدولية والإقليمية ذات العلاقة كما في كوريا الجنوبية وتركيا ومصر، لما تميزت به أنواع العسل السعودي من نقاوة عالية وجودة في الطعم ومن ضمنها عسل السدر والطلح والسمر والأثل والضهيان والشوكة والشفلح والبرسيم والزهور البرية. ووفقاً لبعض الإحصائيات التي طرحتها الوزارة في منتدى النحالين الأول، فإن قطاع النحل يعد من أهم القطاعات الزراعية الواعدة في المملكة؛ إذ يساهم بحوالى 300 مليون ريال تمثل 0.6٪ من إجمالي الناتج المحلي الزراعي، ويتميز بوجود سوق استثمارية تنافسية قوية، واستيراد السعودية من العسل يقدر ب (21000 طن) بينما إنتاجها الحالي يقدر ب (1339 طنا) فقط !! ويبلغ عدد النحالين قرابة 14000 معظمهم يهتم بإنتاج العسل السائل فقط دون الاهتمام بالاستثمار في المنتجات الثانوية كالشمع وغذاء الملكات والبروبليس وسم النحل وحبوب اللقاح، وبالرغم من مصاعب هذه المهنة إلا أنها مربحة اقتصادياً حيث يقدر البعض أن مشاريع تربية النحل وإنتاج العسل تغطي تكلفة إنشائها منذ العام الأول مع نسبة أرباح مجزية (وذلك باعتبار أن سعر خلية النحل مع مستلزماتها تكلّف 300 ريال وتنتج في السنة في حدود 5 كيلوجرامات وبمتوسط سعر 200 ريال للكيلو الواحد أي بإجمالي مبلغ 1000 ريال سنوياً). ولكن يعاني هذا القطاع كغيره من تحديات عدة منها الحاجة لمزيد من جهود الوزارة وبعض الجهات الأخرى لتنظيم هذه المهنة تربية وإنتاجاً وتسويقاً ومحاربة للغش وللدخلاء عليها، ومحاربة الأمراض والآفات المتنوعة التي تفتك بالنحل وتتسبب في التذبذب في إنتاج العسل، إضافة لجهل الكثير من النحالين بالطرق الحديثة والصحية في استخلاص العسل وتخزينه وتسويقه وتركيزهم على إنتاج العسل السائل فقط وعدم اهتمامهم بمنتجاته الثانوية، فضلاً عن تعرّض المراعي النحلية المنتشرة في الوديان والجبال لعدد من الضغوط البيئية ومنها الجفاف بسبب قلة هطول الأمطار في بعض السنوات، وكذلك الاحتطاب والرعي الجائرين كما هو واقع الحال للأسف مع أشجار السدر والطلح والسمر. إذن نحن أمام قطاع زراعي واقتصادي واعد لمنتج غذائي وصحي رئيسي، وسوق استثمارية ضخمة لا يمثل الإنتاج الوطني فيها سوى 10% فقط بينما الباقي يتم استيراده من الخارج، ومع ذلك فهو قطاع غير مستقر تقف في طريقه بعض المصاعب والمخاطر، وهذا ما يجعل الأمل في مبادرة الوزارة الرامية لتطوير هذا القطاع وتشجيع المزيد من المواطنين للاستثمار المباشر فيه وفي الصناعات الثانوية المرتبطة به كالحلويات والخلطات والزيوت والشامبوهات والصابون ومنتجات الصحة والتجميل المختلفة.