فاز اليمين المعارض لاتفاق السلام الموقع مع المتمردين السابقين في حركة «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» لكنه لم ينجح في الحصول على غالبية في انتخابات تشريعية تاريخية، شاركت فيها هذه الحركة للمرة الأولى ودخلت عبرها إلى البرلمان. ويثير فوز المتشددين الهواجس حول مستقبل اتفاق السلام الذي وقعه الرئيس خوان مانويل سانتوس في نوفمبر 2016. وقال سانتوس إن الانتخابات كانت «الأكثر أمانا والأكثر شفافية» في تاريخ البلاد المعاصر، مع تخلي القوات المسلحة الثورية الكولومبية عن التمرد المسلح وتحولها إلى حزب سياسي، والتزام حركة التمرد الأخرى «الجيش الوطني للتحرير» وقفا لإطلاق النار من جانب واحد في هذه المناسبة. وتصدر تحالف «المركز الديموقراطي» اليميني بزعامة الرئيس السابق الفارو اوريبي، المعارض الشرس لاتفاق السلام، النتائج مع 19 مقعدا في مجلس الشيوخ و33 في مجلس النواب. لكن نتائج الأحزاب الوسطية واليسارية كانت بدورها جيدة وحرمت اليمين من الحصول على غالبية. وقال فريديريك ماسيه، خبير النزاعات المسلحة وعملية السلام في جامعة «اكسترنادو»، لوكالة فرانس برس "ليس هناك تغييرات كبيرة بل تعديلات". وينص اتفاق السلام الذي وقعه الرئيس سانتوس مع حركة التمرد الماركسية السابقة في نوفمبر 2016 على أن تشغل عشرة مقاعد في الكونغرس القادم الذي يتألف من 280 مقعدا، خمسة في مجلس الشيوخ وخمسة في مجلس النواب. وقال بابلو كاتاتومبو، وهو قيادي سابق في حركة فارك ضمن الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ "أنا اقترع للمرة الأولى في حياتي، وانا افعل ذلك من أجل السلام". وتحولت «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» فارك إلى حزب سياسي اسمه «القوة البديلة الثورية المشتركة» (فارك أيضا)، وبدلت الحركة شعارها من بندقيتين متقاطعتين إلى زهرة حمراء. ولم تمنح استطلاعات الخروج من مراكز الاقتراع فارك حظوظا كبيرة لحصد أكثر من عشرة مقاعد بعد حملة انتخابية كارثية واجه خلالها متمردوها السابقون، والذين تحولوا إلى سياسيين، موجة رفض شعبي واشمئزاز على خلفية الجرائم المتركبة خلال النزاع. وفي نهاية المطاف حصلت فارك على 0.35% فقط من نسبة الاقتراع في مجلس الشيوخ و0.22% في مجلس النواب. وقال محللون إن الحزب سيركز الآن على تشكيل قاعدة شعبية مؤيدة له للانتخابات القادمة. كذلك اختار الناخبون مرشحي التيارين اليميني واليساري للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في مايو المقبل، في انتخابات تمهيدية أجريت بموازاة الانتخابات التشريعية. وفاز عن اليمين السناتور إيفان دوكوي من حزب أوريبي بحصوله على أكثر من 2.7 مليون صوت أي نسبة 67% من المقترعين، وبالتالي سيقود المعارضة المتشددة لاتفاق السلام. في المقابل فاز غوستافو بترو الرئيس السابق لبلدية بوغوتا، والذي يطمح إلى أن يصبح أول رئيس يساري في كولومبيا التي يحكمها المحافظون تقليديا، بحصوله على نحو مليوني صوت أي ما نسبته 85% من المقترعين. وكانت الاستطلاعات توقعت فوز المحافظين المتشددين كأوريبي الذي يريد إلغاء اتفاق السلام في الانتخابات التشريعية، ليفوز بعدها أيضا بالانتخابات الرئاسية. وينص اتفاق السلام على نزع فارك سلاح سبعة آلاف مقاتل من أجل الانخراط في الحياة السياسية، وإقرارها بارتكاب جرائم خلال الحرب ودفع التعويضات للضحايا. ويثير ذلك غضب الكثير من الكولومبيين، وبخاصة التيار اليميني، الذي تعهد بالفوز بالانتخابات الرئاسية وتعديل اتفاق السلام.