كتب الدكتور يوسف العثيمين مقالا مهما في هذه الصحيفة يوم الخميس 18 يناير عنوانه «القوة الناعمة للمملكة في ظل رؤية 2030»، مشيرا إلى أنه قد طرح هذا الموضوع سابقا في ورقة عمل كان يأمل أن تحظى بنقاش توجبه أهمية الموضوع لكن ذلك لم يحدث، فأراد طرحه مرة أخرى في ظروف جديدة تتطلب الاهتمام الكبير بهذا الجانب، لما له من أهمية قصوى. والحقيقة أن بعض الزملاء الكتاب - وأنا منهم - قد شاركوا في أوقات متفرقة بطرح هذا الموضوع، لكنه مر دون أن تناقشه أو حتى تلتفت له وتهتم به الجهات المعنية كما يجب، لا سيما في هذه المرحلة الحساسة والفاصلة التي تمر بها المملكة، وتتطلب حشد كل قواها وإمكاناتها وطاقاتها للتعامل الناجح معها. تطرق الدكتور العثيمين لعناصر القوة المتوفرة للمملكة التي تجعل من قوتها الناعمة قوة كبيرة ومؤثرة، لا سيما وبعض العناصر تختص بها دون غيرها من الدول، لكنها لم تُوظف بالشكل الصحيح. كما أشار إلى ضرورة تصحيح الكيفية التي كان وما زال يتم بها توظيف عناصر قوتنا الناعمة، مثل العمل الإسلامي الخارجي، المجال الثقافي والإعلامي، العمل الدبلوماسي، العمل الخيري والإغاثي، الاقتصاد والمساعدات المادية، ومشاركتنا في المنظمات الدولية التي تمثل المملكة أكبر الداعمين لها. كل هذه الجوانب ما زال القصور يشوب استثمارها كقوة ناعمة للمملكة، وعلى سبيل المثال فقد تطرق الدكتور العثيمين إلى نوعية السفراء وحسن اختيارهم بعد أن تغير التعريف التقليدي للسفير وتغير معه الدور المناط بالسفارة، بحيث لم يعد السفير يمثل رئيس الدولة في الشؤون السياسية الثنائية المباشرة، وإنما سفير يمثل الدولة كجسم بمختلف مصالحها الاقتصادية والثقافية والسياسية، وضرورة إنشاء مراكز ثقافية وإعلامية ملحقة بسفارات وممثليات المملكة، تنهض بدور جديد ومغاير للسابق لتحقق التأثير المنشود. المقال يمكن اعتباره بحثا متميزا في مفهوم وعناصر وأساليب توظيف القوة الناعمة، وفيه حرص شديد على ضرورة الالتفات الجاد والسريع لتفعيل هذه القوة. ولعلنا الآن نطالب الجهات المعنية بشكل مباشر كوزارة الخارجية ووزارة الإعلام بتبني فعاليات يشارك فيها المهتمون لبلورة رؤية وطنية ناضجة وفعالة لكيفية تفعيل القوة الناعمة السعودية.