أكد رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز أن المملكة هي واحدة من أغنى دول العالم بآثارها وتراثها وعمقها الحضاري، وأن المملكة تستيقظ كل يوم على مكتشفات أثرية فريدة ونوعية تلفت انتباه العالم أجمع وتثبت بالدليل الدامغ أن الجزيرة العربية ملتقى مهد الحضارات. وشدد على أن المملكة العربية السعودية تشهد اهتماماً منقطع النظير بالتراث الحضاري من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أمر بمبادرة وطنية فريدة تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري ودعمها مالياً ويتابع أعمالها ونتائجها ومستوى التقدم في برامجها. وأضاف لدى تفقده أمس الاثنين ميدانياً أعمال التنقيب الجارية في موقع ثاج الأثري في محافظة الجبيل بالمنطقة الشرقية أن ما تم العثور عليه من مكتشفات أثرية في هذا الموقع والمواقع الأخرى يقابل باهتمام عالمي كبير، لا سيما أن موقع ثاج يرجح علماء الآثار أن يكون عاصمة مملكة الجرهاء التي ملأت بشهرتها أسماع الممالك والدول القديمة. وثمن ما تجده أعمال التنقيب الاُثري في موقع ثاج وبقية المواقع في المنطقة الشرقية من اهتمام ومتابعة من سمو أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه، وعبر عن اعتزازه الكبير بالدور الكبير الذي قام به أهالي ثاج في المحافظة على هذا الموقع الذي لازال يتم العثور فيه على مكتشفات فريدة ونوعية حيث صانوه من العبث وحافظوا عليه. وأوضح أنه سيتم إنشاء مركز للزوار بالقرب من موقع ثاج الأثري يحتوي على تاريخ الموقع، وعرض بأساليب مبتكرة وحديثة لأبرز ما تم العثور عليه من المستكشفات والنقوش الأثرية والقطع الفريدة. وإلى جانب زيارة الموقع والاستماع لأهم إنجازات الفريق العلمي الذي يعمل في الموقع، اطلع على عدد من القطع الأثرية المستخرجة من الموقع، كما شاهد صوراً ثلاثية الأبعاد، وكذلك أواني فخارية وقطع من الحلي استخرجت من الموقع وبعض هذه القطع تعود لسبعة قرون مضت من الاستيطان البشري. كما زار مقر الفريق العلمي، والمختبر الذي يجري فيه فحص العينات وكذلك نماذج من المهام والأعمال العميقة التي يقوم بها الفريق. وتواصل بعثة سعودية فرنسية ضمن برنامج التعاون العلمي مع الجامعات والمراكز البحثية المحلية والعالمية أعمال التنقيب في الموقع بناء على اتفاقية وقعت بين قطاع الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وجامعة ليدن الهولندية وبمشاركة من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي لمدة خمسة أعوام، نفذت البعثة خلالها موسمين بالإضافة إلى الموسم الحالي من التنقيب في الموقع، ويرأس الجانب السعودي في أعمال التنقيب الأستاذ محمود الهاجري ومن الجانب الهولندي الدكتور أحمد الجلاد ومن الجانب الفرنسي الدكتور جيروم رومر حيث تم مسح المنطقة الأثرية والمنطقة المجاورة بالإضافة إلى التنقيب داخل المنطقة الأثرية. وأنجز فريق التنقيب مسحاً للمناطق المحيطة بموقع ثاج سجل خلالها عدد المواقع ألأثرية والكتابات والرسومات والوسوم على صفحات الجبال المحيطة كما تم حصر عدد من النقوش الحسائية، ومسح عدد من المدافن والتلال المحيطة بموقع ثاج لمعرفة الكم والأنماط الشائعة للدفن في تلك الحقبة وكذلك تحديد مواقعها وقياساتها، وذلك تمهيداً لوضع خطة مستقبلية لإجراء أعمال تنقيبيه بتلك التلال، حيث لوحظ وجود عدد من تلال المدافن داخل نطاق بعض المزارع. ونفذ الفريق مسحاً جيولوجياً للموقع والتضاريس المحيطة به جمع خلاله عينات لبعض الصخور والتربة من السبخة الشمالية ودراسة منسوب ومكونات المياه بالآبار، كما تم فتح مجسات اختبارية بطرف ووسط السبخة الشمالية لثاج لدراسة الترسبات التراكمية للسبخة. وشملت أعمال التنقيب منطقتين الأولى على السور الجنوبي للمدينة الأثرية والبالغ عرضه 4 أمتار، حيث تم الكشف عن بوابة ترتبط ببعض التفاصيل المعمارية. أما المنطقة الأخرى فكانت جنوب سور المدينة، أظهرت عدداً من الوحدات المعمارية ضمّ أحدها فرن ربما استخدم لإنتاج الفخار.