سجل التاريخ العسكري أمس الأول «السادس من أكتوبر لعام 2017» كيوم سعودي بلا منازع، إذ أصبحت فيه المملكة أول دولة على سطح هذا الكوكب توشك على امتلاك أقوى منظومتين صاروخيتين توصلت لهما التكنولوجيا العسكرية البشرية حتى اليوم. فبعد ساعات قليلة من الإعلان عن توقيع وزارة الدفاع السعودية مع روسيا عقوداً لتوريد نظام الدفاع الجوي المتقدم (S-400) الروسي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون»، أن الخارجية الأمريكية وافقت على صفقة لبيع نظام ثاد الدفاعي المضاد للصواريخ للرياض. قبل زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى العاصمة الروسية موسكو تأخر الحليف الأمريكي في الموافقة على صفقة «نظام ثاد» بسبب تعقيدات داخلية بين الكونجرس والإدارة السياسية، فجاءت الصفقة الروسية مؤكدة علو كعب سياسة الرياض ونجاحها في تسوية الملفات العالقة بكفاءة لا ينافسها فيها أحد، ما أثمر عن هذه النتيجة الصادمة لكل أعدائها وبعض حلفائها أيضا. الأمريكيون قالوا في تصريحهم الرسمي إن الموافقة على بيع منظومة ثاد الصاروخية للسعودية أمر يدعم الأمن القومي لبلادهم ومصالحها الخارجية من خلال دعم أمن بلد صديق، ويسهم في تثبيت الأمن طويل الأمد للمملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج في مواجهة إيران، كما سيؤدي إلى استقرار الأوضاع في الخليج وحماية القوات الأمريكية وحلفائها في المنطقة الذين يواجهون تهديدا صاروخيا إيرانيا متناميا، أما الروس فقد ذهبوا إلى أبعد من ذلك، إذ دخلوا في شراكة تاريخية جديدة مع الرياض في مجال الصناعات العسكرية بشكل عام عبر توقيع اتفاقيات هي الأولى من نوعها وحجمها، سوف تسهم (بحسب الإعلانات الرسمية) في توطين الصناعة واستدامة أسلحة نوعية ومتقدمة جدا في السعودية بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030، وتشمل الاتفاقيات «نقل تقنية صناعة أنظمة (Kornet-EM) وهو نظام صاروخي متطور مضاد للدبابات، بالإضافة إلى نقل تقنية صناعة منظومة راجمة الصواريخ (TOS-1A) وراجمة القنابل (AGS-30)، وتعاون الطرفان لوضع خطة لتوطين صناعة واستدامة أجزاء من نظام الدفاع الجوي المتقدم (S-400)». الجميل أن الإعلانين الروسي والأمريكي تزامنا مع تلويح الرئيس دونالد ترمب بقرب إلغاء الاتفاق النووي الذي وقعه سلفه الضعيف باراك أوباما مع طهران لعدم التزام الإيرانيين بما وصفه ب«روح الاتفاق»، وهذا يعني إسدال الستار تماما على كل الحكايات التي يروجها حلفاء نظام طهران عن وجود تنافس سعودي إيراني على قيادة المنطقة، فلا يمكن لنظام إيران الإرهابي الذي عمل طوال أربعة عقود على تصدير ثورته السوداء للعالم وصناعة الفوضى في منطقة الشرق الأوسط أن يفكر «مجرد تفكير» في الوقوف ك«ند» للسعودية اليوم، لا على المستوى السياسي فحسب وإنما العسكري أيضا، ما يعني إعلان «وفاة المشروع الخميني الظلامي» وتشييع جنازته النتنة إلى مزبلة التاريخ.