وصف مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المشككين في خدمة المملكة للحجاج بأنهم حاسدون ومصابون بالجهل المركب. وقال في حوار مع «عكاظ» ليلة عرفة إن هذا اليوم عظيم، ويجب الاستفادة من هذا الموسم بما يعود بالخير والابتعاد عن السوء، محذرا في الوقت نفسه الحجاج المتساهلين في الالتزام بحدود عرفة، إذ لا حج لهم إن تجاوزوا حدود هذا المشعر. وأكد آل الشيخ أن الحجاج الموكلين ببقية أعمال الحج بعد انتهاء الوقوف بعرفة متلاعبون وحجهم لا يصح، مشددا على ضرورة اتباع المنهج الصحيح في أداء مناسك الحج.. فإلى التفاصيل: • والمسلمون يفدون من كل مكان لأداء مناسك الحج، ما توجيهكم لعموم حجاج هذا العام؟ •• الحجاج في هذه الأيام تجاوزوا حاجز المليوني حاج، قدموا من كل مكان، وجدوا حرما آمنا سخاء رخاء واستقرارا ووجدوا العناية التامة بأحوال الحجيج، فليشكروا الله على هذه النعمة وقد تهيأت سبل المعيشة والاستقرار فقد كان الوصول إلى الحرم أصعب ما يكون. ونصيحتي للدعاة إلى الله أن يدعوا إلى الله بعلم وبصيرة بحلم وأناة ويحاولوا احتواء الحجاج وتنبيههم وإرشادهم بالطرق السليمة وحسن القول، قال تعالى: «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن» فتكون معالجة الأخطاء والدعوة بالحكمة والطرق الشرعية فقد يأتي بعضهم حاملا بعض الأفكار الخاطئة فإذا وجد من الدعاة من يقابله بلطف وحكمة وحسن خلق استطاع أن يصحح أفكاره ويعدل مساره. تسييس الحج • تؤكد المملكة في كل عام رفضها تسييس الحج والخروج به عن مساره الصحيح، كيف نرسخ هذا الأمر في نفوس الحجاج؟ •• يقول الله تعالى: «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا»، فلا رياء ولا سمعة في الحج، فقد جاء الحجاج لله وحده إلى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة لهذه الفريضة الواجبة على المسلم مرة في العام، جاءوا لهذا الركن العظيم، جاءوا ممتثلين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم»، جاءوا لهذا الهدف العظيم لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات تائبين منيبين خاضعين لربهم، والله يباهي بهم ملائكته فيقول: «انصرفوا مغفورا لكم»، ربنا واحد وديننا واحد وكتابنا واحد. نحن نتلقى أوامرنا من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، الحج ليس ميدانا للسباب والشتام، ولكنه ميدان توجه سليم، فعلى الحجاج أن يستفيدوا في موسم الحج من كل خير ويبتعدوا عن كل سوء. خدمات المملكة • لم تسلم المملكة على مر الأزمان من الجحود رغم ما تقدمه من خدمات خصوصا في موسم الحج، بِمَ نرد على هؤلاء؟ •• هذا الحسد ملئت به قلوب المغرضين، وإلا فبإجماع العالم ولله الحمد أن المملكة العربية السعودية قدمت للحرمين خدمة لم يسبقها غيرها إليها أبدا بعد الخلفاء الراشدين سواء من ناحية الخدمة أو الصيانة أو التوسعة لهما، فالملك عبدالعزيز وأبناؤه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله وفي هذا العهد الزاهر كل واحد منهم نذر نفسه أن يقدم ما يستطيع خدمة لدينه، ومن قدح في الدولة أو شكك في إخلاصها في خدمتها للحرمين فإنه حاسد أو مصاب بالجهل المركب، هم لا يعلمون شيئا بل يرددون ما يسمعونه دون تثبت. ضيوف الملك • يستضيف خادم الحرمين الشريفين كل عام نخبا من العالم الإسلامي، ما الدور الملقى على هؤلاء الضيوف؟ •• أرجو أولاً من الضيوف الذين استفادوا من هذه الخدمات أن ينقلوا كل ما شاهدوه إلى بلادهم بكل أمانة عندما يعودون بإذن الله سالمين غانمين، فهنا أمن واستقرار وتسهيل للحج، بحيث يكون ذلك عبر وسائلهم المختلفة واجتماعاتهم، وعلى القائمين على استضافة الحجاج في هذه البرامج أن يبذلوا النصيحة والتوجيه والإرشاد، ويجعلوا من هذا التجمع مناقشات علمية هادفة. تحريض خامنئي • عاد مرشد إيران علي خامنئي إلى التحريض على تسييس الحج والدعوة إلى إثارة المخالفات، ما تعليقكم على ذلك؟ •• هذا البلد الأمين ما جعل للمهاترات، وإنما لعبادة الله تعالى، وكل المهاترين والجاهلين لا مكان لهم بيننا أبداً. المغادرة بعد عرفة • بعض الحجاج يغادرون بعد غروب شمس يوم عرفة موكلين ببقية الأعمال غيرهم من الحجاج، هل يجزئ هذا الفعل؟ •• هذا كله خطأ وتلاعب بالعبادة ودلالة على الجهل وعمل مخالف للسنة.. يجب على الحاج أن ينفر إلى مزدلفة بعد مغرب شمس يوم عرفة ويجلس فيها إن كان من أهل الأعذار إلى نصف الليل، ثم يدفع إلى منى ويجلس ليبيت فيها أيام التشريق، أما غير ذلك فليس بحج. الحج عبادة لله والواجب أن يؤدي المسلم العبادة كما أمر الله، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»، فالله لا يقبل إلا ما كان موافقا لشرعه وخالصا لوجهه الكريم والله يقول: «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا»، لا بد أن يوافق العمل الصالح الكتاب والسنة، وأن يكون خالصا لله. الحج الرمزي • وماذا عمّا يسمى ب«الحج الرمزي» المخل بالعبادة أو الذي يعتمد الرخص كثيرا، هل هو جائز ومجزئ؟ •• هؤلاء الذين يحجون بما يسمى بالحج الرمزي والميسر أخلوا بعبادتهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لتأخذوا عني مناسككم»، لا بد على هؤلاء أن يقيموا في عرفة إلى غروب الشمس، ولا بد من المبيت في مزدلفة، ثم في منى، ورمي الجمرات، والطواف والحلق أو التقصير، ولا بد من طواف الوداع، فمن أحب أن يكون حجه مبرورا فليتق الله في حجه، وعليه ألا يخالف السنة، أما تتبع الرخص والأخذ من هذا وذاك بأن يقول بعضهم لا يلزم المبيت بمزدلفة وآخر يقول إنه لا يلزم الوقوف بعرفة وإنما جزء من الليل، وكذلك من يقولون بالمبيت نصف الليل ويحاول أن يقضي على جميع مناسك الحج هذا أمر لا يجوز. حدود عرفة • يقف كثير من الحجاج يوم عرفة خارج حدودها، هل يسوغ لهم ذلك، وما تعليقكم على هذا الأمر؟ •• لعرفة حدود معينة وأعلام رفيعة مكتوبة بجميع اللغات وتضاء في الليل إضاءة مناسبة، فالحدود ليس فيها خفاء، أما أن يقف الحاج خارج حدود عرفة فليس له حج. مفتو الحملات • يحصل أحيانا تباين في الفتاوى بين مفتي الحملات، ما توجيهكم لهم؟ •• على مفتي الحملات ألا يفتوا إلا بما يفتي به علماء الأمة، أما أن ينفردوا بفتاوى شاذة فهذا لا يصلح. الإخلال بالالتزامات • بعض الحملات تخل بالتزاماتها تجاه الحجاج ولا توفر لهم كل متطلباتهم، إضافة إلى أنها لا تمكن الحجاج من أداء مناسكهم على الوجه الأكمل، فهل من تنبيه لهم؟ •• هذا خطأ جسيم وظلم كبير كونهم يعلنون بشكل رسمي عن منهجهم وخطتهم ثم إذا جاء الحجاج وجدوا أن الواقع خلاف ما وعدوا به، هذا خطأ، حتى أن بعضها حملات وهمية يأخذون تصاريح للحجاج ثم لا يصطحبون معهم الحجيج ويربحون الأموال بطريقة غير مشروعة، وهذا خطأ ومخالفة للأنظمة، ولعل وزارة الحج تتنبه لهم وتأخذ على أيديهم وتلغي كثيرا من تصرفاتهم السيئة.