أصبح موضوع رواتب الموظفين أحد أبرز المواضيع التي يتناولها المجتمع بشكل أو بآخر هذه الأيام، وغالباً بصيغة النكتة الساخرة التي تغلف الامتعاض والتذمر بسبب الوقت الطويل الذي يفصل بين موعد راتب شهر رمضان وموعد راتب شهر شوال الذي سيكون بحسب التقويم الجديد في بداية شهر ذي القعدة، ما يعني مرور نحو 40 يوما بين الراتبين تخللتها مناسبة عيد الفطر وعطلته المزدحمة بالمناسبات الاجتماعية التي لا يصمد أمامها راتب الموظف لأكثر من أيام معدودة إذا أضفنا لها بقية الالتزامات المعيشية والفواتير والأقساط، أي أن شهر شوال لهذا العام بالذات أثقل وأصعب من أي شوال سابق على الموظفين. هذه المحنة المالية العصيبة التي يمر بها الموظفون الذين لا مصدر دخل لهم غير الراتب تحيلنا بالضرورة إلى جدوى التنظيم الجديد لمواعيد الرواتب بحسب الأبراج والذي تسبب عند اعتماده في جدل ولغط وتساؤلات حول جدواه وحيثيات اختياره بعد اكتشاف الناس أنه لا موعد ثابت للراتب الشهري الذي هو حق للموظف في موعد معلوم ومعروف ومحدد كما كان معمولا به سابقا وكما هو متبع في كل دول العالم على ما نعتقد إلا في الظروف الطارئة التي تحتم بعض الإجراءات الاستثنائية المؤقتة ثم يعود الوضع إلى ما كان عليه. وبإمكاننا أن نتفهم قرار الدولة اتخاذ هذا التنظيم العجيب خلال مرحلة إعادة ترتيب كثير من جوانب اقتصادنا التي تطلبت بعض التعديلات والإجراءات الاستثنائية، لكن ولله الحمد استعادت خزينة الدولة عافيتها، بدليل إعادة كل البدلات والمكافآت والمزايا التي أوقفت عن الموظفين مؤقتا، وبالتالي يكون مطلوبا مراجعة إخضاع موعد صرف الرواتب لنظام لا يستخدمه العالم ويتسبب في ضغوط مالية مرهقة على الموظفين وإرباك لجدولة مصروفاتهم وترتيب حياتهم. نتمنى على أصحاب القرار جعلنا ضمن المنظومة العالمية التي يعرف الناس فيها موعداً ثابتا لاستلام مرتباتهم. أنزلونا من الأبراج وحساباتها المرتبكة إلى أرض الواقع الذي لا يرحم الموظف لو تأخرت التزاماته يوما واحدا.