فيما تستمر الدوحة في تعنتها وتمترسها وراء النظام الإيراني الإرهابي، تتوالى الوساطات الغربية لحل الأزمة القطرية، ومنها الحراك الذي يقوده وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، الذي قال في تصريحات صحفية أمس الأول: «إنه يمكن إحراز تقدم لتخفيف التوتر بين قطر والدول العربية الأربع»، مستبعدا التوصل إلى حل على الفور. وتعكس تصريحات الوزير البريطاني، أن الوساطات الغربية لن يكتب لها النجاح، خصوصا في إطار التمترس القطري وراء مواقف متصلبة تزيد الأزمة تعقيدا. ومن ثم فإنه لا تلوح في الأفق حتى الآن أية حلول أو وساطات يمكن الركون إليها، بعيدا عن البيت الخليجي، وهو ما يتعين على قطر أن تعيه جيدا بأن حل الأزمة التي تسببت بها سياساتها الداعمة للإرهاب يكمن في البيت الخليجي، ولكن ليس على الطريقة القطرية التي ترغب من خلالها تزوير الحقائق والخروج من صلب المشكلة، وهي دعمها للإرهاب تمويلا ورعاية واحتضانا، وهذا هو ما عكسته بوضوح المبادئ الستة لبيان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب في اجتماعها الأخير بالقاهرة وهي: الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة صورهما ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة، إيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف، الالتزام الكامل باتفاق الرياض عام 2013 والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية عام 2014 في إطار مجلس التعاون الخليجي، الالتزام بكافة مخرجات القمة العربية الإسلامية الأمريكية الأخيرة، الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم الكيانات الخارجة عن القانون، ومسؤولية دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين. ورغم أن الكويت لعبت دورا إيجابيا في هذا الإطار، إلا أن الدوحة أجهضت وساطتها بتسريبها المطالب ال13، في إجراء افتقد لأبسط القواعد الدبلوماسية ونسف المساعي الكويتية، ليس هذا فحسب، بل ونسفت أيضا في تعنت واضح مهلة ال48 ساعة الإضافية. وانطلاقا من هذه المواقف المتعنتة للنظام القطري الذي لا يريد أبدا أن يتعلم درس التاريخ، فإنه ليس مأمولا أن ينجح أي حراك بريطاني كان أو أمريكيا، ما دامت الدوحة لم تعلن أية التزام بالمبادئ الستة التي تمخضت عن اجتماع القاهرة أخيرا، وبانتظار نتائج زيارة جونسون ومن بعده نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون للمنطقة لبحث تطورات الأزمة، فإنه يمكن القول إن القناع قد انكشف عن النظام القطري ولا مناص أمامه من تغيير سلوكه الإرهابي والعمل على تعزيز العلاقات تحت مظلة البيت الخليجي وليس عبر طعن هذا البيت من الداخل، ورغم أن الجميع سعى منذ البداية لبناء علاقات خليجية متينة، خصوصا السعودية؛ لإيمانها بأن المصالح الخليجية واحدة والمصير واحد، بيد أن مرحلة العواطف والمجاملات السياسية ولت، وجاء وقت المحاسبة.