على بعد أمتار قليلة من الديوان الأميري في الدوحة، تقع مكاتب سرية وعلنية عدة، للعديد من رموز التطرف، والإسلام السياسي، خصوصا حركة «طالبان» وجماعة الإخوان الإرهابية، التي ينتشر أفرادها الفارون من العدالة في أسواق وشوارع ومساجد الدوحة في مشهد يمثل قنبلة موقوتة معرضة للانفجار في أي لحظة. هذا المشهد المثير، بات واقعا صعبا تم فرضه بالقوة السياسية والأمنية على الشعب القطري، الذي يرى أن هؤلاء المتطرفين الذين تؤويهم دولتهم المتمردة وتوفر لهم مظلة آمنة لممارسة أعمالهم في الدوحة، يشكلون أحد أكبر المخاطر التي تهدد مستقبلهم في ما لو تعرضت الدوحة لعقوبات دولية، كما يعتبرون أن وجود هؤلاء يمثل خطرا كبيرا على بلدهم واستقراره الوطني والإقليمي، فضلا عن علاقتها بدول الجوار الشقيقة. مراقبون يرون أنه، ليس سرا أو جديدا أن تدعم قطر رموز التطرف، والإسلام السياسي، والفارين من العدالة بكافة منظماتهم وجماعاتهم في المنطقة العربية والعالم، فمنذ أحداث 11 سبتمبر ظهرت الدوحة بصورة مشبوهة بعد أن وفرت بيئة خصبة تجاه هؤلاء المتطرفين، حيث كانت قناة «الجزيرة» الآلة الإعلامية للدوحة، هي الصوت الرسمي الذي اتخذه أسامة بن لادن في أول ظهور له بعد الأحداث الدامية لبث رسائله من كهوف جبال أفغانستان. لكن، مع بداية أحداث ما سمي ب«الربيع العربي»، كان لقطر اليد الأطول في الخراب والتدمير الذي حل ببعض الدول العربية، من خلال دعمها الجماعات الإرهابية، خصوصا «جبهة النصرة» ذراعها الإرهابية في سورية، وبعض الجماعات الإرهابية في ليبيا، واليمن، ولبنان والعراق، إذ وفرت لها الدعم المادي الكبير ومكنتها من شراء الأسلحة لتقوم تلك الجماعات بتدمير الأوطان ونشر الرعب والخراب. وبرغم نفي الدوحة الدائم، بأنها لا تحتضن رموز الإرهاب بمختلف مسمياتهم، إلا أن الحقائق تقول -بحسب مسؤولين أمريكيين- إن قطر تحتضن كبار الممولين لتنظيم القاعدة، وأنهم يعيشون بحرية على أراضي الدوحة، على رغم أن «القاعدة» مصنفة في أغلب دول العالم «منظمة إرهابية» ومع ذلك تصر الدوحة على أنها لا تدعم الإرهابيين، بحسب صحيفة تليغراف البريطانية. من بين هؤلاء الإرهابيين، تبرز أسماء كل من: خليفة السبيعي وعبدالرحمن النعيمي، وهما يحملان الجنسية القطرية، إضافة إلى عبدالوهاب الحميقاني، وجميعهم يعتبرون من أكبر الممولين ل«القاعدة»، إذ يعتقد مسؤولون أمريكيون أنهم يعيشون حاليا في العاصمة القطريةالدوحة ولديهم حرية حركة مطلقة، في حين أن قطر ترفض الإدلاء بمعلومات عنهم. لكن هذا الوجود المثير لرموز الإرهاب في قطر، ليس محصورا على فئة معينة، بل إن الحركيين في السعودية، وخصوصا المنتمين لتيار الإخوان والصحوة، يجدون ضالتهم في قطر، إذ يشدون الرحال للدوحة مرات عدة في السنة أكثر من أي مكان آخر، فقلوبهم معلقة مع الحزب، وأجسادهم الكبيرة تعيش عبئا على الوطن. وكان الخبير الأمريكي مورجان، كشف في دراسة له أن قطر بالفعل أصبحت أكبر حاضنة للإرهابيين، مؤكدا أن أكثر حسابات أنصار ومؤيدي تنظيم «داعش» الإرهابي على «تويتر» تغرد من الدوحة، حيث ينشط التنظيم الإرهابي لتجنيد الشباب وللتحريض والتخطيط لاعتداءات إرهابية. وتساءل مورجان: هل تؤوي قطر أكبر العناصر الخطرة من «الدواعش» المطلوبين دوليا وتلاحقها الأجهزة الأمنية؟ وأوضح مورجان في دراسته المنشورة أخيرا، أن الدوحة آوت بالفعل جماعات إرهابية وعناصر متطرفة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية، ومنحتهم كل وسائل الإقامة والمعيشة والأبواق داخلها، وقدمت لهم دعما غير محدود، مؤكدا أن الدوحة أصبحت محط أنظار لكل إرهابي مجرم مطلوب أمنيًا ودوليًا. هذا الوضع المتردي الذي اختارته الدوحة رغم كل التحذيرات والنصائح التي تلقتها من دول مجلس التعاون، أدخلها بالفعل في دوامة خطيرة ومسار سياسي لا تستطيع الرجوع عنه، وهو ما اتضح في تصريحات أميرها تميم بن حمد الأخيرة، حيث تؤكد تلك التصريحات أن الدوحة فقدت السيطرة ولم يعد القرار السياسي قرارها، بل قرار من أراد بها الشر سواء علمت بذلك أم لم تعلم.