تفتح الدردبيس حقيبة مجوهراتها المليئة بالذهب والألماس والعقود الفاخرة والخواتم الباهرة، وتبدأ في انتقاء ما تراه مناسبا منها لفستان السهرة أو العرس، فإذا أتمت الاختيار نادت على خادمتها العاملة المنزلية القادمة من أقصى وأفقر قرى الأرض قائلة لها اتركي ما في يديك وتعالي بسرعة لبسيني العقد، فتهرع إليها الخادمة وتقف بين يديها لتساعدها على لبس العقد ولفه حول رقبتها «المدردمة»، فإذا أنهت الخادمة المهمة صاحت بها هيا ارجعي واكملي شغلك، وإياك ثم إياك أن أعود وأجد قشة مرمية على الأرض أو أن الملابس لم تكوَ أو أن المطبخ لم يرتب، لتخرج تاركة الدار بما فيها وبمن فيها للخادمة، فإذا حصل أن عادت ذات يوم ولم تجد الخادمة ثم اكتشفت أنها سرقت حقيبة المجوهرات وفرت هاربة.. صاحت الدردبيس وناحت وأخذت تولول على مجوهراتها المسروقة وعلى خادمتها الهاربة التي كانت بالنسبة لها ولمن في المنزل كل شيء، لأنه لا أحد يعمل في الدار غير تلك الخادمة.. حتى كأس الماء يطلب ويشرب ثم يترك فلا يعاد إلى مكانه حتى تقوم بذلك العاملة المنزلية التي تدور بين أفراد الأسرة مثل النحلة أو «المدوان». صباح مساء! وبطبيعة الحال فلا يوجد من يبرر إقدام الخادمات على سرقة مجوهرات ربات المنازل، بل إن غالبية الخادمات لا يقمن بذلك الفعل الشائن على الرغم من أنهن فقيرات دفعتهن الحاجة للاغتراب والعمل خادمات، ولكن هذا الاستعراض الساذج بأنواع المجوهرات أمامهن مع قسوة في التعامل وشح في العطاء المادي والمعنوي ووجود إغراءات خارجية للخادمة بالهروب للعمل بأجر أعلى بكثير، وعدم فعالية نظام البصمة في الحد من ظاهرة هروب العمالة المنزلية، كل هذه العوامل قد تدفع بعض العاملات المنزلية إلى الهروب وتدفع المجرمات منهن إلى سرقة ما قد تصل إليه أيديهن لحظة الفرار وفي مقدمة ذلك المجوهرات لأنها مما خف وزنه وغلا ثمنه، وشجع على الهروب واتساع رقعته انسداد أفق الاستقدام ووجود حاجة ملحة تضطر المحتاجين إلى البحث عن المتوفر من الخادمات بأي أجر في السوق السوداء وهن إما متخلفات مخالفات لنظام الإقامة أو هاربات من بيوت لاجئات إلى الأوكار تمهيداً لتوزيعهن على بيوت أخرى هربت منها العاملات أو ليس لديهن عاملات منزليات أصلاً... ولا يوجد في الأفق أي حل يذكر؟! [email protected]