okaz_culture@ أقامَ معهد العالم العربي بباريس ندوةً تحت عنوان «من الشرخ الاستعماري إلى صراع الهويات: عشرُ سنوات من الجدل الفرنسي»، ضمن أنشطة «خميس المعهد» الأسبوعي الثقافي والفكري، وذلك بمناسبة مرور عشر سنوات على إصدار مؤلف جماعي تحت عنوان «الشرخ الاستعماري» عن منشورات «La Découvert»، أشرف على إنجازه المؤرخ باسكال بلانشار المتخصص في التاريخ الاستعماري. وشارك في هذه الندوة التي أدارها مدير عام دار «لاديكوفيرت» المؤرخ باسكال بلانشار، والباحث والروائي رشيد بن زين وهو مفكر فرنسي في الشأن الإسلامي، والروائي الكسيس جيني الحاصل على جائزة غونكور الفرنسية العريقة عن روايته الشهيرة «فن الحرب الفرنسي»، والمؤرخ المتخصص باليمين المتطرف «نيكولا لوبورغ». استُهلت الندوة بمداخلة فرانسوا جيز، إذ أوضح أن الذاكرة الاستعمارية تُمثِّل حتى الآن جُرحاً غائراً لم يندمل بعد، وذلك رغم الجهود الحثيثة في دراستها وتنبيه المجتمع إليها، وإثارة التساؤلات أبعادها المنسية أو المُتجاهَلة. وفي هذا السياق، استلم المؤرخ باسكال بلانشار الكلمة مُذكِّراً بالاضطرابات العنيفة التي وقعت في الضواحي الفرنسية أواخر عام 2005 إثر مقتل شابين عند محول كهرباء لجآ إليه هرباً من مطاردة الشرطة في كليشي-سو-بوا، وأضاف أن الهوية الوطنية الفرنسية كما تم طرحها آنذاك تلغي تنوع المجتمع الفرنسي نفسه، إذ بنيت على خلفية تهديد الهجرة للهوية الوطنية الفرنسية. مثيرا بذلك موضوعاً طالما تكتّمت السلطات عليه ألا وهو شبح الإرث الاستعماري الذي يخيم دوماً على الذاكرة الجماعية، إذ إن الجيل الثالث من المهاجرين يشعر أنه ضحية لممارسات عنصرية في مجتمع فرنسي يحيله إلى الدرجة الثانية من المواطنة، كونه منحدراً من أصول غير فرنسية، أي من مستعمرات فرنسا. أمّا رشيد بن زين، فقسّم الوجود الإسلامي في الذاكرة التاريخية لفرنسا إلى مرحلتين: المرحلة الأولى هي التي عاصرتْ وجود الإسلام في الأندلس، وفترة حروب «الاسترداد» من القرن التاسع إلى الخامس عشر، إذ كان المسلم –الموريسكي- موصوفاً حينئذ بالعدوّ اللَّدود ومصدر التهديد والخطر. وخلُص ابن زين إلى القول: «على الدولة الفرنسية التي وجدت نفسها عام 2015 أمام تحدي ردع خطر التطرف الإرهابي المنطلق من أحياء الضواحي التي يشكو شبابها من عنصرية المجتمع الفرنسي، أن تعي أن فرض هوية أحادية على فئة اجتماعية ذات هويات متنوعة هو أحد المكونات الحاسمة في تشكيل هويات متوترة غالبا ما تولد أشكالا من الرفض الانعزال والتي بإمكانها أن تهزم أي تعاطف إنساني تجاه الآخر». من جهته، ألقى نيكولا لوبورغ كلمة حول «حزب الجبهة الوطنية الفرنسي»، مُشيراً إلى أن هذا الحزب ينتهج خطابا مناوئا للهجرة والتنوع الثقافي، ويُقدِّم نفسه بوصفه قوةً صارمة غايتُها حماية الهوية الوطنية في المجتمع الفرنسي. وذكر أن الحزب يحن إلى أيام «الجزائر الفرنسية» وأن مؤسسه «جون ماري لوبن» شارك في فرق المظليين وكان من أولئك الذين قاوموا استقلال الجزائر بكل السبل.