كعادتنا عندما نهرع إلى أعمال المبدعين بعد وفاتهم.. كتبهم.. أقوالهم.. أشعارهم.. بحثاً عما يخفف من تأنيب ضمائرنا لنا من عدم منح أنفسنا كامل فرصة الاستمتاع بما أثروا به إنسانيتنا، وبعد دقائق فقط من انتشار خبر وفاة العملاق مساعد الرشيدي، فزعت إلى حساب الراحل الشخصي في تويتر أتصفح محتواه وأغوص في ثنايا ال140 حرفاً في كل تغريدة من تغريداته، التي كان للوطن النصيب الأكبر منها، في شعره وتعليقاته وردوده، ولعل آخرها ما صاغه قبل أيام من وفاته عن البطل جبران عواجي، إذ قال: «ما دام يولد للوطن مثل جبران تموت عدوان الوطن ما تطوله» وقال فيه أيضاً: «جبرت العوج يا عواجي، لله درك» ما لفت نظري في حساب مساعد، تغريدتان عجيبتان للشاعر قبل ما يربو على 3 أشهر وتحديداً في (28/9/2016) كانتا تنصبان حول يوم الأربعاء الذي وصفه ب«اليوم الوقور ذي التاريخ المجيد» وب«يوم الذكريات الخالدة».. مساعد الذي توفاه الله فجر الخميس، كان آخر يوم أكمله في دنيانا ذاك اليوم «الوقور ذو التاريخ المجيد».. الأربعاء! وللنادي الأهلي وجماهيره مساحة شاسعة في قلب مساعد الذي وصفه يوماً بأنه «ليس قصيدة فقط، الأهلي ديوان حب»، وبأن تشجيعه من أجمل خياراته في الحياة، فهذا العاشق ما برح في كل مناسبة يُدعى لها أو على مواقع التواصل الاجتماعي يبوح بعشقه للكيان الأخضر، ويتغزل بمعشوقه في أبيات وأقوال سيخلدها التاريخ، لعل من أبرزها ما ضمنته تعزية النادي الأهلي لبيت من أبياته: «لا فاز الأهلي تنام الأرض مبسوطة العشب سر ابتسامتها وفرحتها» وما اتصال رمز الأهلي الأمير خالد بن عبدالله للاطمئنان على صحته إبان وجوده في المستشفى، إلا دلالة على تقدير كبير لمكانة الشاعر لدى الأهلاويين، وإدارة النادي الأهلي في بادرة غير مستغربة أصدرت بيان تعزية في الفقيد الكبير لتكون أول المعزين في شاعرها البار. والرشيدي لم يكن مشجعاً عابراً لناديه بل كان متابعاً لأدق تفاصيله، وكان للأهلي نصيب وافر في شعره، ومن المواقف التي عبر عنها الراحل شعراً، عندما حصد الأهلي العام الماضي بطولة الدوري بعد غياب، وفي حوار تلفزيوني ترنم بهذا الإنجاز شعراً: «غِب 30 عام ورد مجدك بليلة ليلتك عن سنين وعامهم عن ليالي» ومن مداخلاته الطريفة التي علّق فيها شعراً، عندما غادر المدرب البرتغالي غوميز بعد سلسلة من الإخفاقات وعاد السويسري جروس لتدريب الفريق مرة أخرى، فكتب مساعد يومها: «الله يحيي الكوتش غروس ويا جعل (غوميز) ما يعوّد واحد تعود لكسر الروس وواحد على الكسر متعوّد» جماهير الأهلي بدورها أحبت مساعد كثيراً، وكانت تتابع بشغف كل ما يكتب، وبادلها الراحل كذلك حباً بحب، حيث غرّد يوماً: «ما أدري ليش أحس كل أهلاوي واحد من إخواني، هذا الأهلي عشق ودك تخبيه عن الناس علشان تستمتع فيه وحدك». رحم الله مساعد الرشيدي.. كان صادقاً في شعره فأحبه الجميع بصدق.