يقدم قادة دول مجلس التعاون الخليجي الدروس في كيفية التعامل والتعاطي مع الأحداث، وردم الهوة في الاختلافات وليس الخلافات، بل ويؤكد القادة للعالم أنهم وإن اختلفت الرؤى «موقتا» أشقاء يجمعهم دين واحد ومصير مشترك، يحتم عليهم التحالف للوقوف في وجه التحديات المحيطة بهم. ولعل حرص المملكة على التحالفات الإسلامية واستكمال عقدها، وسعيها المستمر إلى وحدة الصف العربي، إضافة إلى بعد نظر سلطنة عمان وإيمانها بهذه التحالفات وتأكيد مساهمتها الفاعلة في تحقيق أهدافها، هو ما دعا عمان التي يقودها بحكمة السلطان قابوس بن سعيد إلى إعلان انضمامها إلى التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب. ومنذ إعلان التحالف الإسلامي العسكري في 15 ديسمبر 2015 بقيادة المملكة، الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وخطط له الأمير محمد بن سلمان، واحتضنته عاصمة السلام الرياض، لم تنتقد السعودية عدم انضمام سلطنة عمان، التي بدورها لم تعلق أيضاً على هذا التحالف، وهو ما يعد أمراً حكيماً ونهجاً سليماً، يؤكد أن البلدين يسيران في الاتجاه الصحيح نحو معالجة أي اختلافات في الرؤى بالطرق الأخوية بعيداً عن الدبلوماسية. ولا شك بأن الانضمام العماني للتحالف الإسلامي العسكري يقود إلى أمرين لا ثالث لهما، أولهما الدلالة الواضحة على أن السلطنة حريصة بقيادة سلطانها قابوس بن سعيد على أن تبقى في الحضن العربي، وأن تكون فاعلة في إطار التشاور والقرار الخليجي، لمعالجة كثير من الملفات العالقة، وتحديدا في سورية واليمن والعراق، ومواجهة الإرهاب الذي يهدد الشعوب العالمية. إضافة إلى اندماجها الكامل في كثير من التوجهات الخليجية على المستويين السياسي، الذي يقلق كثيرا من دول العالم، والشعبي الذي يحقق آمال وتطلعات الشعوب الخليجية. أما ثاني الأمرين فهو نجاح الأمير الشاب محمد بن سلمان، الذي يعتبر رجل التحالفات، في إقناع كثير من الدول، ومن بينها سلطنة عمان، في الانضمام لهذا التحالف الذي يهدف إلى محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أيا كان مذهبها وتسميتها، من خلال سعيه الدائم دون كلل أو ملل في التواصل مع الدول العربية والإسلامية، لشرح الأهداف، والتعريف بالأخطار المحدقة بالأمة، التي تتطلب مثل هذه التحالفات، التي تجمع الشمل، وتوحد الكلمة، وتخلق التقارب المنشود، الذي يرهب الأعداء، ويسر الأصدقاء. وقد أثبتت سلطنة عمان بقيادتها الحكيمة أنها لم تبتعد عن الحضن العربي حتى تعود، وأنها دائما داعمة رئيسية للقرار الخليجي خاصة والعربي والإسلامي عامة، كما أثبت الأمير محمد بن سلمان أنه لاعب رئيسي ليس في تشكيل التحالفات لمواجهة المخاطر وإنما مهندس للتوافقات التي ستعالج أمراض الأمة التي ابتليت بها في سورية واليمن ولبنان والعراق وليبيا، بل وإعادة الهيبة المسلوبة للقرار العربي والإسلامي من خلال هذه التحالفات الإسلامية.