هناك مشكلة بل هو مرض فتاك انتشر في هذا الزمان. مشكلة اسمها الكلام. لماذا بعض الناس يظنون أن الكلام حتى ولو لم يكن له هدف إنه جميل ويحبب الآخرين فيه؟. لا يجلسون مع شخص إلا وتكلموا عليه فور مغادرته المكان. لا أحد يسلم من لسانهم. لكن هذا لا يعني أن تعطيهم أي اهتمام إذا تكلموا فيك أو عيبوا عليك بأي شيء، اجعل هذه المقولة أمام عينيك: واثق الخطوة يمشي ملكا. لا تعطيهم أي اعتبار مهما كان، وافعل ما تشاء ولا تنتظر من أي أحد مدحا ولا ثناء. لا تنظر لتفاهة كلامهم ولا تدنو من سخافة عقولهم أبدا. دائما اجعل نفسك في ثقة دائمة ولا عليك من الآخرين ولا من كلامهم. حكمة من ذهب: أنا لم أتغير، كل ما في الأمر أني ترفعت عن الكثير حين اكتشفت أن الكثير لا يستحق النزول إليه. إنه من المؤسف جدا أن أقرأ في كثيرٍ من الصحف اليومية والمواقع العربية المحترمة جدا بضاعة لهذه وتلك، بضاعة تبيع الكلام بشكل وآخر يستجدي مشاعرنا ويستنزف عقولنا. عزيزي القارئ، هل تستطيع أن تمنع مراهقا لا يتجاوز السابعة عشرة من قراءة نص رخيص؟. نعم يا طالب العلم وطالبة العلم، إن كثيرا من المجالس تجد فيها من ينافق ويجادل، وكثيرا من الذين ينافقون ويجادلونكم، لا على حق إنما لأجل مصلحةً أو من أجل الحقد والبغضاء، أو حبا للشهرة. ولهذا تجد المنافق والمجادل، لا ترتاح نفسه إلا بالمجادلة والنفاق، فيقمع صاحب الحق بأكاذيبه، وافتراءاته، حتى يقال إنه على حق. إن مثل هذا الذي يجادل ويمتري بغير حق، مصيره لا يدوم كثيرا، وعلى ذلك، فصاحب الجدال جداله مذموم. فإن كان الجدال الوقوف على الحق وتقريره كان محمودا، وإن كان جدالا بغير علم يكون مذموماً. وعلى هذا التفصيل تنزيل النصوص الواردة في إباحته وذمه. نعم يا إخواني، إن الجدال مولد للخصومة، بل لا تجد شخصا يجادل بغير حق إلا وكره الذي يجادله بحق. إخواني وأخواتي البعد عن تلك المجالس التي يكثر فيها الجدال، فإن جادلك شخص عنيد لا يريد الحق، ففر منه، فهذا يكون فيه مرض، قد يعديك مرضه. وأعلم، قول الأوزاعي: إذا أراد ألله بقوم شرا ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل. وجاء في الأثر أن عمر بن عبدالعزيز (رضي الله عنه) قال: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل. وتجد المجادل يتهم الغير بألفاظ رديئة لذلك قال الإمام الشافعي (رحمه الله) عن المجادل: قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم إن الجواب لباب الشرِ مفتاح، والصمت عن جاهل أو أحمق شرف وفيه أيضا لصون العرض إصلاح. وفي خطبة النصر وإنهاء الحرب العالمية الثانية قال ونستن تشرشل: لو للكلام قوة لاحتلت العالم «أمة الكلام». لا تزن «أمة الكلام» إلا مثقال وزن الهواء الذي كون الكلام. ربما تتغير الأحوال إذا توقفنا عن الكلام وركزنا جهودنا على العمل، فلغة القوة هي العمل والعلم لا الكلام. الكلام لا يباع ولا يشترى وزنه هواء. ما وراء الهواء هو الثقل. للتواصل: فاكس 0126721108