كشف «برنامج حافز» مدى تضخم البطالة لدى الإناث، على الرغم من أن كثيراً منهن يحملن مؤهلات علمية عالية دون أن يتم الافادة من خبراتهن؛ مما يطرح تساؤلاً عن سبب تزايد بطالة النساء هل هو في البنية المجتمعية؟، أم في سوق العمل الذي لم يستطع القائمون عليه توفير فرص عمل نسوية لاستيعابهن بشكل جيد؟. إن وصول نسبة النساء إلى 80% من أعداد المتقدمين ل«حافز» أمر يدعو إلى إعادة النظر في عمل المرأة التي تمثل نصف المجتمع، وأهمية التخطيط نحو فتح قنوات عمل جديدة للمرأة؛ تستوعب قدراتها، وتمنحها الثقة بما يعود على الجميع بالنفع، ولا يكون ذلك فقط من خلال الوظائف الرسمية والمكتبية فحسب؛ وإنما عن طريق إتاحة الفرصة لها بالعمل الحر، إلى جانب الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها الأنثوية والمبادرة إلى طرح مزيد من الأفكار الحيّة في مجال العمل، بدلاً من أن ينتظرن ما يقدمه لهن «حافز» نهاية كل شهر. د.الغامدي:«حافز» جهة تمويلية وليس تحفيزية أسباب البطالة بدايةً، أرجع "د.سالم سعيد القحطاني" -عميد التطوير في جامعة الملك سعود- أسباب زيادة أعداد النساء في "حافز" إلى 80% من المتقدمين إلى عدم توفر فرص العمل المناسبة المتفقة مع العادات والتقاليد للمرأة، وعدم توفر مواصلات للمرأة تنقلها من بيتها إلى العمل، إضافة إلى عدم توفر فرص حقيقية للمرأة بسبب وجود العمالة الوافدة، وعدم فتح فرص عديدة وجدية في المؤسسات الحكومية والخاصة، مضيفاً:"يوجد نسبة لا بأس بها من النساء يصل عددهن إلى 60% ربما ليس لديهن رغبة في العمل؛ ولكن أتيحت لهن فرصة الحصول على مبلغ لمدة سنة فرغبن الاستفادة منه"، موضحاً أن نسبة النساء المسجلات في "حافز" تعطي مؤشرا إلى حجم البطالة من النساء اللواتي يفوق عددهن حجم البطالة بين الرجال. د.الرديعان:بيئة المجتمع فرضت عطالتهن وبيّن أنه يوجد معوقات اجتماعية تتعلق بالتقاليد والأعراف، حيث إن بعض أولياء الأمور يرفضون عمل بناتهم خارج المنزل؛ مما يشكل عقبة أمام طريق عملهن، موضحاً أن "حافز" جهة تمويلية أكثر من كونه جهة تحفيزية للعمل؛ حيث إنه صُمم لمساعدة العاطلين في البحث عن عمل، إلاّ أنه لا يمتلك الإمكانيات لتوفير فرص عمل سواء للرجال أو النساء، مضيفاً:"(حافز) جهة تمويلية، أكثر من كونه يركز على توفير فرص عمل للعاطلين، لذا لا أتوقع أن يعمل على توفير فرص وظيفية للراغبين في العمل من العاطلين"، مشدداً على أهمية إيجاد آلية عمل لتوفير الوظائف للراغبين في الحصول على فرص عمل، حيث إن الآلية لاتأتي من الموارد البشرية، بل لابد أن تشترك بها الوزارات والقطاع الخاص والقطاع العام فالكل مسؤول عن توفير وظائف، مبيناً أن التركيز في "حافز" جاء على من يستحق وعلى آلية الصرف له. د.العمير:استغلوا طاقاتهن بعيداً عن المسكنات وأوضح أنهم في الجامعة حاولوا دراسة برنامج "حافز" من خلال البحوث العلمية لرسائل الماجستير؛ إلاّ أن الجهة المعنية لم تساعد في الحصول على المعلومات التي تمكنهم وتساعدهم للوصول إلى أفكارهم التي ينشدونها، كونهم رغبوا في معرفة خدماتهم للراغبين في الحصول على عمل، وقابلوا تحفظاً وصفه أنه لن يخدم الباحثين عن فرص العمل، مشيراً إلى أنه يوجد ممن يستلمون إعانات "حافز" هم فعلياً لا يريدون الحصول على عمل، وغير جادين، بل ينظرون إلى الاستفادة المادية، مما يدل على غياب آلية الاستحقاق وازدياد حجم البطالة، ودخول أعداد كبيرة في "حافز" يرفع من مستوى الوعي والإدراك لدى المسؤولين عن توظيف القوى العاملة بمشكلة البطالة الحقيقية ليس على مستوى النساء فقط بل على المستوى العام. معوقات اجتماعية وذكر "د.خالد الرديعان -أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود- أنه من الطبيعي جداً في المجتمع أن تكون نسبة 80% من مستفيدي "برنامج حافز" هم من النساء؛ وذلك بسبب شح المجالات المتاح للمرأة العمل فيها مقارنة بما هو متاح للرجل، كون ثقافة المجتمع تتيح للمرأة العمل في بيئة مختلفة عما هو موجود في مجتمعات أخرى، بإيجاد أقسام نسائية مختصة ووظائف لا يكون دوامها مناوبات مسائية، إلى جانب تضاؤل فرص المرأة في العمل جراء عدم قدرة بعض النساء على تدّبر مسألة المواصلات وعدم وجود سائق لديهن ومعارضة أولياء أمورهن الرجال على عملهن في بعض القطاعات، ناهيك عن الشروط الاجتماعية التي يضعها المجتمع لعمل المرأة، مما جعل هذه الاعتبارات تقلل من فرص التحاق المرأة، وتزايد نسبة البطالة بينهن، مضيفاً:"بطالة النساء ليست مسألة اقتصادية فحسب، ولكنها مشكلة اجتماعية في الجانب الأكبر منها تتعلق بالعادات والتقاليد، وارتفاع نسبة البطالة بينهن غير مستغرب، مما جعلهن يسجلن في برنامج (حافز) حتى ولو برغبة الاستفادة منه لفترة محدودة". شح التخصص وأكد "د.محمد العمير" -عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فيصل- على أنه يوجد ضعف في مفهوم ثقافة العمل للفتاة، متسائلاً عن سبب حصر مفهوم الوظيفة في عمل مكتبي بدلاً من أن يتم توسعة المشروعات؛ لتنطلق عبرها بشكل ينمي قدراتها الذاتية، ويسهم في فتح قنوات عمل جديدة في الوطن، كون الفتاة تنظر إلى التعليم والتدريس فرصة العمل الأبرز دون أن يوجد توسع أكبر في القطاعات المناسبة لتوظيفهن، مضيفاً:"إن الإحصائيات التي كشفت أن 80 % من المستحقات لحافز هن نساء تدل على أن الفتاة تواجه صعوبات كبيرة في المجتمع لتنطلق في المجال الوظيفي، فخروجها يستلزم توفر وسائل المواصلات لها، وذلك يستدعي صرف ماتحصل عليه من وظيفة قد يكون دخلها قليلا مقارنة بما تصرفه على التزاماتها الشخصية والأسرية". وأشار إلى أنه يوجد قصور في كثير من قطاعات العمل كونهم لم يستطيعوا حتى الآن الإسهام بفتح قنوات عمل جديدة تستوعب أعداد العاطلين والعاطلات عن العمل، مطالباً باستغلال طاقات الشباب نحو ما يفيد المجتمع مثل أن يلتحقوا بشرطة الحي بحيث يساهموا في زيادة الأمان للأحياء ويتسنى لهم المساهمة تطويرها، مشيداً بنظام "حافز" كونه يدل على قرب القيادة من هموم المواطن، وتلّمس حاجياته؛ إلاّ أنه طالب أن لا يكون "حافز" بمثابة الحبوب المسكنة التي تجعل العاطلين يرضون بالتمويل المالي، مضيفاً:"لابد أن يوجد قدر مادي يقدمه حافز يسد احتياجات الفرد، إلى جانب الدورات التدريبية، بحيث يعمل على تفعيل الحراك في المجتمع بشكل إيجابي بمشاركة العديد من الجهات كالجامعات ومراكز التدريب حتى يشعر الفرد أنه لا يقف لدى التلقي بل يكمن دوره بالمشاركة في تنمية هذا الوطن".