من الممكن أن تؤدي التحقيقات التي تجريها الولاياتالمتحدة مع جوجل لمكافحة الاحتكار إلى الحد من طموحها للنمو لسنوات قادمة حتى اذا لم تلجأ الجهات المنظمة الى أقوى أسلحتها مثل السعي لتقسيم الشركة العملاقة. أدى التحقيق الذي تجريه مفوضية التجارة الاتحادية في ممارسات الأعمال مع جوجل والذي أعلن في الشهر الماضي الى ضم الشركة الى زمرة مايكروسوفت واي. بي.ام وغيرها من الشركات الاخرى التي كانت تهيمن على السوق وأصبحت محور اهتمام الحكومة. وفي أبرز القضايا أدت هذه العملية الى تقسيم شركة ايه.تي اند تي. يعتقد بعض المحللين والمستثمرين أن جوجل ستتوصل الى تسوية مع الحكومة لتجنب التشوش والمخاطر التي يمكن أن تصاحب معركة قانونية مطولة. لكنهم يشيرون أيضا الى أنه على أسوأ الفروض ستكون النتيجة الحد من توقعات النمو لجوجل والاضرار بموقفها كشركة متصدرة لقطاع الانترنت مع وجود شركات مثل فيسبوك وجروبون وغيرها بدأت تسرق الاضواء. ويرى ديفيد بالتو وهو مدير سابق للسياسات في مفوضية التجارة الاتحادية ان جهود الحكومة للاشراف على العمليات اليومية لجوجل يمكن أن تقيد قدرتها على الابتكار. وقال "سيكون مثل وضع قفاز بلا أصابع على يدي دا فينشي... ستظل هناك رسومات لكنها لن تكون على القدر ذاته من العبقرية." لكن بالتو وخبراء قانونيين اخرين يرون أن تقسيم جوجل أمر غير متصور. اذ ان التقسيم القسري للشركات يمثل اجراء متطرفا لا تحب الجهات المنظمة اتخاذه خشية الاضرار بالابتكار وفاعلية العمل. كما أنه ليس امرا سهلا فقد انحاز قاض اتحادي مع الجهات المنظمة في عام 2000 وأمر بتقسيم مايكروسوفت عملاقة برامج الكمبيوتر الى شركتين لكن القرار ألغي في الاستئناف. وقال روبرت لاند وهو مدير المعهد الأمريكي لمكافحة الاحتكار وكان يعمل في مكتب المنافسة التابع لمفوضية التجارة الاتحادية "تحقيق لمكافحة الاحتكار مثل هذا له أهمية بالغة لشركة مثل جوجل... التصورات الاسوأ يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة للغاية." لكنه أكد على أنه في هذه المرحلة يستحيل توقع كيف ستتصرف مفوضية التجارة الاتحادية وأشار الى أنها تسقط الكثير من التحقيقات دون توجيه اتهامات على الاطلاق. وأعلن معهد مكافحة الاحتكار تأييده للتحقيق الذي تجريه الحكومة مع جوجل لكنه لم يتخذ موقفا حول ما اذا كانت هناك وسائل علاج مطلوبة. ويقول خبراء قانونيون إن الاسهل من تفكيك الشركات المندمجة هو منع الاندماجات الجديدة. وبدأت الجهات المنظمة في اتخاذ موقف مشدد من عمليات الاستحواذ التي تقوم بها جوجل مثل الاستحواذ على ادموب في العام الماضي وشركة اي.تي.ايه لبرامج الكمبيوتر. وفي حين أن جوجل حصلت على الضوء الاخضر في نهاية الامر لاتمام هاتين الصفقتين فان بعض المحللين والمستثمرين قلقون من أنه ربما لا يحالفها مثل هذا القدر من الحظ في المستقبل. وتسيطر جوجل على اكثر من ثلثي سوق البحث العالمية. لكن تكنولوجيات جديدة في الانترنت مثل مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف المحمولة تتيح سبلا جديدة للناس للتوصل الى المعلومات عبر الانترنت. وحتى تبقي جوجل على قدرتها التنافسية تحتاج باستمرار إلى التكيف مع الزمن وتعديل وتوسيع عروضها. وفي العام الماضي استحوذت جوجل على أكثر من 40 شركة. وقال كن سينا المحلل في ايفركور بارتنرز "اذا لم تشعر جوجل أن بامكانها حقا تطويع منتجها أو اضافة سمات جديدة فهذا في حد ذاته نتيجة سلبية بدرجة ما." وبالنسبة للوقت الراهن فان وول ستريت منشغلة فيما يبدو أكثر بالأداء المالي لجوجل. اذ ارتفعت الاسهم أكثر من 13 في المئة يوم الجمعة بعد نتائج رائعة للربع الثاني. ولم يطرح سؤال واحد على مسؤولي جوجل خلال المؤتمر الهاتفي الجماعي حول أرباح الشركة عن التحقيق. ولم تدل جوجل بتصريحات كثيرة عن التحقيق الذي تجريه مفوضية التجارة الاتحادية منذ الكشف عنه في الشهر الماضي بخلاف قولها انها لا تعتقد أنها ارتكبت خطأ وانها ستتعاون مع التحقيق. لكن الضغوط تتزايد. وتواجه الشركة أيضا تحقيقات لمكافحة الاحتكار من عدة دول وفي الاتحاد الاوروبي وبدأت في تعزيز فريقها القانوني بخبراء مكافحة الاحتكار ومجموعات الضغط. ويقول منتقدون ان جوجل تستخدم هيمنتها على سوق البحث للحصول على ميزة غير عادلة في مواجهة منافسيها لاعطاء أعلى ترتيب لخدماتها في نتائج البحث مثل خدمة الخرائط أو التسوق أو السياحة. وادت هذه المزاعم الى تسليط الاضواء على خوارزمية البحث لجوجل التي تستخدم مئات العوامل لتحديد أي موقع يحتل الصدارة. وهذه العوامل هي بمثابة أسرار دولة بالنسبة لجوجل وتحميها الشركة بضراوة. والتدخل فيها يمكن أن يكون عملية معقدة ومضنية بالنسبة للحكومة. وقال ديفيد يوفي الاستاذ في كلية التجارة بجامعة هارفارد "اذا كانت المشكلة متعلقة بالتحيز في نتائج البحث فمن الصعب للغاية على أي هيئة حكومية تقويمه." ومضى يوفي وهو عضو سابق في مفوضية مكافحة الاحتكار الدولي التابعة لوزارة العدل يقول ان من وسائل مكافحة الاحتكار اجبار أي شركة محتكرة على تمكين الشركات المنافسة من الاستفادة من خدماتها لكن هذه الوسيلة ليست واضحة المعالم بالنسبة لمحرك بحث مقارنة مع شبكة تلفزيونية خاصة يطلب منها أن تحمل محطات بعينها. وتابع "الوضع أصعب كثيرا في حالة جوجل لان لديها العديد من المنتجات من برامج الكمبيوتر والخدمات التي يمكن أن نقول انها تلقى الافضلية في خدمة البحث." ويرى البعض نموذجا محتملا في طريقة تعامل الحكومة مع مايكروسوفت وفي تلك الحالة تم تشكيل لجنة من الخبراء للاشراف على بعض الممارسات والبحث في الشكاوى كل على حدة.