تدفق عشرات الآلاف على ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة الجمعة، للمشاركة في المظاهرة المليونية، التي دعت إليها القوى السياسية تحت شعار "الثورة أولا"، لحث المجلس العسكري، الذي يدير المرحلة الانتقالية، على تنفيذ أهداف الثورة، وسرعة و علانية محاكمة مسئولي النظام السابق، وعلي رأسهم الرئيس "المتنحي" حسني مبارك، وضباط الشرطة المتورطين بقتل المتظاهرين. وفيما شهد الميدان، الذي شهد انطلاقة ثورة 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، غياب ملحوظ لقوات الجيش والشرطة، عمد المتظاهرون إلى تشكيل "لجان شعبية" لتأمين مداخل ومخارج الميدان، تحسباً لدخول مثيري الشغب من فلول النظام السابق، أو مندسين لخلق حالة من الفوضى، لإفساد المظاهرات. كما وزع سياسيون، منهم ائتلاف شباب الثورة، استبياناً لاستطلاع آراء المتظاهرين "بجمعة الثورة"، حول تقييمهم لأداء الحكومة والمجلس العسكري، وملاحظاتهم حول أسباب اشتراكهم بالاحتجاجات. وقال القيادي اليساري، أبوالعز الحريري، إن جمعة " الثورة أولًا"، جاءت بعد مناقشات وتوافق سياسي عام بين مختلف القوي السياسية، و التي اتفقت على عدم مغادرة ميدان التحرير حتى يسرع المجلس العسكري من وتيرة الإصلاحات لتحقيق أهداف الثورة، متهماً الأخير بالتعامل بمنطق النظام السابق في التباطؤ، بينما الثورة بطبيعتها "متصاعدة ومتسارعة"، على حد تعبيره. وأشار الحريري، في تصريحات لCNN بالعربية، إلي أن المجلس العسكري هو من حمى الثورة في بدايتها وأيدها، ولكنه الآن "على المحك"، وعليه المحافظة علي استمرارية الثورة، وسرعة تنفيذ أهدافها ومبادئها، حتى لا تتحول الاعتصامات إلى نوع من المواجهة، وذلك مع التفرقة بين المجلس العسكري كمؤسسة، وبين المجلس الذي يدير شئون البلاد. أما جورج إسحاق، عضو الجمعية الوطنية للتغير، ومنسق حركة "كفاية" السابق، فقال إنه يعتقد بأن المجلس العسكري سيستجيب لمطالب جميع القوي السياسية بتنفيذ أهداف الثورة، بسرعة محاكمة رموز النظام السابق، وتطهير القضاء وجميع مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق، ووقف تصدير الغاز لإسرائيل، وعمل الدستور أولاً، وضبط الأمن. وفيما اعتبر إسحاق، في تصريحاته لCNN بالعربية، أن تلك المطالب هي "مطالب عامة لجميع الشعب المصري"، فقد لفت إلى استمرار الاحتجاجات حتى تنفيذ ما وصفها ب"مطالب الثورة"، قائلاً إن "الميدان موجود"، في حالة عدم استجابة المجلس العسكري لتلك المطالب. من جانبه، طالب القيادي بجماعة "الإخوان المسلمون"، حمدي حسن، المجلس العسكري الحاكم بالاستجابة لما أسماه ب"شرعية الثورة"، مشيرا إلي أن انحياز الأخير لمطالب الشعب علي أرض الواقع، يخالف هذا التعهد، وذلك على حد تعبيره. ووصف محاكمات رموز الفساد بالنظام السابق ب"الهزلية"، بهدف امتصاص غضب الشعب، كما طالب باتخاذ خطوات فعلية لما وصفه ب"تطهير الصف القضائي" بمصر، وعلي رأسهم النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، حيث لم يقدم الأخير المستندات اللازمة لإدانة الفاسدين بالنظام السابق. وأكد حسن أن مشاركة جماعة الإخوان بجمعة " الثورة أولاً"، جاء بعد حدوث توافق عام بين مختلف القوي السياسية بضرورة تنفيذ مطالب الثورة، فضلاً عن رفع المطلب الخاص بالدستور أولاً، حيث تسعي الجماعة إلي عقد الانتخابات البرلمانية أولاً، في سبتمبر/ أيلول المقبل. وكانت مجموعة "ائتلاف ثورة 25 يناير"الناشطة قد دعت في بيان لها مؤخراً للاستجابة لعدد من المطالب، ومن بينها تنحية رئيس جهاز الأمن في القاهرة والتحقيق في العنف الذي رافق عدة مظاهرات، فيما يتنامى الغضب الشعبي المصري بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك.