ها هو صيف المدينة البحرية التي تطل على الخليج العربي (الظهران) شرق المملكة العربية السعودية يبدو مختلفاً بفضل هؤلاء المبدعين، الذين ترعاهم "أرامكو" السعودية عبر برامجها الثقافية المتنوعة الصيفية، إذ أصبح أهلها يستقبلون صيفهم بحزمة من التدابير والانتظار والشوق المديد، حيث أصبح الأمر يعدو أكبر من هروب من حر الصيف، والبحث عن ملجأ لإعطاء أطفالهم مساحة من الحرية بعيداً عن النشاط المدرسي، إذ بات أشبه بفصل خاص لاكتشاف مواهب أبنائهم. صيف أرامكو يتألق فقد استطاع برنامج iSpark (أتألق) التابع لبرنامج أرامكو السعودية الثقافي، أن يعمل على أن يجعل الصيف زمناً ممتداً من المتعة، لاسيما في مساءاته التي كان لها رصيد مزعج في مشاعر المشتركين أيام الدراسة، إذ تحول كما - يقول أحد الطلبة - بفضل انضمامه إلى برنامج أتألق إلى مساء عريض مليء بالمتعة الكبيرة، خصوصاً حينما يتطلب الأمر استعداداً كبيراً لعرض نتاج الأعمال في ختام نشاط كل أسبوع من البرنامج. يوم الاثنين الماضي بدا مساء المهرجان الصيفي مختلفاً إلى حد كبير، حيث استعد 530 من طلاب وطالبات (أتألق)، لعرض ختام أعمالهم في أسبوع البرنامج الثالث، إلى أسرهم وبعض الزائرين الذين ملأوا قاعة العرض، فاستطاعوا حبس أنفاس 700 من الجمهور، حيث استطاع المشتركون إشعال فتيل الإبداع بداخلهم، وإضفاء الكثير من لمساتهم غير المألوفة على الأفلام التي سجلوا فيها مشاعرهم وأفكارهم والكثير مما يحملونه داخل رؤوسهم، حتى بلغت الدهشة أنفاس الحضور. الأفلام التي عُرضت، كما وصفها المشرف العام على برنامج "أتألق" في أرامكو السعودية، المهندس عبدالله آل عياف، عبارة عن توثيق للبرامج العلمية التي تلقاها المشتركون بطريقة جذابة ومسلية. وأضاف العياف وهو لايزال يستقبل التهاني من أولياء أمور المشتركين: "عمدنا إلى أن نغيّر من خارطة أفكار الطلاب والطالبات على السواء، صيفنا القديم لابد أن ينتهي من تاريخ ذاكرتنا، فحين نتأمل أزمنة الصيف عبر استرجاع موازٍ لها في هذه الأزمنة التي نعيشها نجد الكثير من المفارقات. وهي مفارقات لا تندرج في اختلاف نوعي من حيث التنظيم والاهتمامات والأنشطة فحسب، بل هي مفارقات تنبّئ عن زمنين يمتد بينهما بون شاسع. ففي تلك الأزمنة كان ثمة قطيعة بين الصيف والمدرسة، فالمدرسة في الصيف، بحسب وعينا في تلك الأزمنة: فناء ميّت لتلاميذ أشقياء موتاً سريرياً لمدة ثلاثة أشهر متصلة. أما الآن فيجب علينا أن نوثق لمرحلة هامة وخطوة مختلفة". بعيداً عن سبورة التلقين جانب من برنامج iSpark ويضيف آل عياف: "لذا فإن هدفنا في البرنامج الإلهام أكثر من التلقين والتعليم فقط. لا نريد من الطلاب أو الطالبات أن يشعروا بأنهم في حصص دراسية. إننا نعمل على إشعال الضوء الخافت بداخلهم كي يدركوا طريق الإبداع. ويبحثوا جيداً عن بعض من مواهبهم التي لم يتنبهوا لها". وأوضح أن المشتركين من صفوف الأفلام التوثيقية والإعلام الجديد إضافة إلى التصوير الإبداعي، كان ختام أعمالهم يتطلب تصوير بقية الفصول العلمية، من هنا استطاع الجميع الاشتراك في التعريف عن أعمالهم المختلفة والمتنوعة. يلعبون في الخامسة ونلعب في الثالثة عشرة البرنامج كشف عن قدرات ابداعية كبيرة وامتازت الأعمال التي قدمها الطلاب على المسرح، بأنها عبارة عن أفلام عززت الأفكار التي يأملون في التعبير عنها، إلى جانب الفكاهة، فجاء فيلم يحكي عن تجربة مدربي أكاديمية فالنسيا الإسبانية الرياضية، التي تقدم عروضها لأول مرة في السعودية عبر برنامج أرامكو السعودية الثقافي. وأوضح المدرب أنطونيو هيرنانديز، أن السعوديين يبدأون في تعلم لعب الكرة منذ سن الثالثة عشرة، أما في إسبانيا فيتعلمون أساسيات كرة القدم منذ سن الخامسة، وهي المعلومة التي أثارت الحضور، كما تم تقديم فيلم قصير عن أهمية الصدقة والابتسامة والصحة والصلاة، وفيلم تكلم فيه المشتركون والمشتركات عن تجربتهم في البرنامج، وأهم الأعمال التي عملوا عليها كفريق. "لا يكثر" بنسخة أرامكونية وبدا المخرج الشاب محمد الملا، مسؤول صف الأفلام الوثائقية، سعيداً للغاية بتجربته في حفل التخرج الثالث من البرنامج، ويقول: "قدمت مع طلاب الصف ثلاثة أفلام وهي نادي فالنسيا الرياضي، وخيمة الصحة، وبرنامج فكاهي تقليداً للبرنامج الشهير "لا يكثر"، إن ما يملؤني سعادة هو أنني لا أصدق أن الطلاب يمتلكون هذه القدرة الكبيرة على الإبداع في غضون أيام محدودة". ويؤكد الملا وهو شاب لم يتجاوز من العمر 20 عاماً، أنه في بداية كل أسبوع يتم استقبال المشتركين ويتم تقسيمهم حسب ميولهم، وبعضهم يدخل إلى الصف الدراسي دون أن يعرف ماذا يعني "مونتاج" أو "إخراج" وبعد أسبوع يصبح قادراً على صناعة فيلم. "أتألق" وصفوفه الأحد عشر جدير بالذكر أن برنامج "أتألق" يحظى بشعبية كبيرة من قبل الراغبين في الانضمام إلى صفوفه التعليمية والإثرائية. هذا إذا ما علمنا أن برنامج أتألق الصيفي، هو عبارة عن 11 فصلاً تعليمياً، وهي يوريكا وتتضمن صف "الضوء": رسالة النجوم، وكشف شفرة الحياة. أما "الحكايات" فهي تتضمن الإعلام الجديد وحكايا الفيديو وصف الأفلام الوثائقية. في حين أن "الاستديو" يتضمن تصميم ألعاب الفيديو، والتصوير الإبداعي، وصف "الرسوم المتحركة". وأخيراً "العبقرية"، وتحتوي على صف طاقة للعالم، وصف "الجسور" وأخيراً صف "المدينة المثالية".