قبل خمس سنوات كانت لدى شركة ياهو خطة لهزيمة شركة جوجل في لعبة ''جوجل'' الخاصة. فقد كانت تعتزم تشجيع الأفراد في جمهورها الهائل على الإنترنت على التصويت للصفحات التي يحبونها من خلال ''وضع إشارات'' عليها. ومن هذا المد الضخم يمكن أن تنشأ شبكة اجتماعية أكثر التصاقا بالطابع الشخصي، وهي شبكة يتم ترشيحها من قبل مستخدمي ''ياهو'' وليس من قبل خوارزميات برنامج الحاسوب في ''جوجل''. تقدم سريع إلى الوقت الحاضر. هنا نجد صدى مشابها لا تخطئه الأذن لما جاءت به ''جوجل'' في أحدث محاولة لها للتصدي لموقع الشبكات الاجتماعية ''فيس بوك'' الذي ينمو بصورة سريعة. ربما تكون الأزرار القائلة ''أحب هذه الصفحة'' قد انتشرت على طول وعرض الإنترنت على مدى السنة الماضية، لكن لو سارت الأمور كما تهوى ''جوجل'' فسنكون جميعا من مستخدمي ''النقلة المتقدمة بخطوة واحدة''، وهو تعبير جديد غير أنيق يتحدث عن الانتقال نحو الطابع الاجتماعي، حيث نستطيع أن نضغط على زر ''+1'' المتوقع ظهوره على نتائج البحث في ''جوجل''، وعلى صفحات أخرى في نهاية المطاف. المقارنة مع ''ياهو'' التي تعاني المتاعب في الوقت الحاضر، ومشهد ''جوجل'' وهي تقلد حركة من أنجح حركات ''فيس بوك''، هذه المقارنة تثير شعورا غير مريح بأن شركة جوجل أخذت تنفذ منها الأفكار. حين أعلن لاري بيج ترقيته إلى منصب كبير التنفيذيين هذا الشهر من خلال رسالة فجة إلى موظفي ''جوجل'' يقول فيها إن جزءا كبيرا من علاواتهم سيكون مرتبطا بنجاح الشركة في المجال الاجتماعي، لم يكن من شأن ذلك إلا تعميق الإحساس بأن السرعة والاستعجال تحولا إلى نوع من الهلع. لكن سيكون من الخطأ الاستهانة ب ''جوجل''؛ إذ توجد لديها قيد الاستخدام موجودات ممتازة يستفاد منها في تقدمها نحو عالم الشبكات الاجتماعية، كما أنه لا مجال لإنكار أن ''جوجل'' تتمتع بقوة البقاء. كذلك توجد قواسم مشتركة بينها وبين ''فيس بوك'' تفوق ما يشير إليه التقابل بين ''خوارزميات البحث في مقابل الشبكة الاجتماعية''؛ إذ ترى كل شركة نفسها على أنها شركة منافع على الإنترنت، ولديها مهمة لمساعدة شريحة كبيرة من سكان العالم على التواصل والترابط بخصوص الأشياء التي يهتمون بها. إذا كان أهم مقومات ''فيس بوك'' هو ''الرسم البياني الاجتماعي'' (أي شبكة الاتصالات الشخصية بين المستخدمين) فإن ''جوجل'' لديها رسمها البياني الخاص بها، وهو منجم تستطيع الاستفادة منه من خلال الشبكات الضمنية من العلاقات ضمن ''جوجل''. حين تستفيد الشركة من أكثر الصلات استخداما في البريد الإلكتروني للشخص على ''جوجل''، أي قائمة الأصدقاء الموجودة ضمن خدمة الدردشة وسجل الهواتف على واحد من خدمات نظام أندرويد، فإن لديها الكثير من السبل لاستخلاص طبيعة علاقاتك الاجتماعية. وتستطيع مساندة ذلك بالاستفادة من خدمات مثل ''تويتر''. حتى الآن كانت مشكلة ''جوجل'' الرئيسة هي أنها لم تعثر على أي شيء قوي للاستفادة من هذه المعلومات. وهنا يأتي دور نظام التصويت المسمى ''+1''. حصلت ''جوجل'' بطريقة ذكية على إطلاق دون ضجة إعلامية (وهي دروس تعلمتها من الورطة التي وقعت فيها بخصوص خدمة ''بزز''، وهي خدمة لشبكة اجتماعية في مراحلها الأولى اجتذبت انتقادات في السنة الماضية من طريقة تعاملها مع موضوع الخصوصية). ستكون لدى مواقع الإنترنت أسباب قوية لعرض أزرار ''+1'': ستُدخَل الأصوات في نظام بحث ''جوجل'' ومن الممكن أن تساعد في ترتيب نتائج البحث. لكن الأمر الذي ربما يكون أكثر إثارة للجدل هو ما سيحصل عليه المستخدمون من الضغط على هذه الأزرار؛ إذ لا يوجد موقع شبكة اجتماعية لجمع هذه التفضيلات كافة وعرضها على الأصدقاء. لكن في الوقت الذي تبدأ فيه ''جوجل'' في أن تَعرض ما لدى أصدقائك من صفحات ''مملوكة بخطوة واحدة إلى الأمام'' في نتائج البحث التي تراها أنت، يمكن تعزيز السحب. هناك قطع أخرى في حاجة إلى أن توضع في مكانها الصحيح. تحتاج ''جوجل'' إلى المزيد من المستخدمين لإنشاء ملفات عن معلومات الأشخاص وإضافة المعلومات الشخصية حول أنفسهم، كما يفعلون في موقع ''فيس بوك''. بعد ذلك يفترض أن تبدأ في الظهور قيمة ملفات ''جوجل''. لتغذية هذه الدائرة الفاضلة، تحتاج ''جوجل'' إلى العثور على أمور كثيرة للغاية حتى يقتسمها ويشترك فيها المستخدمون. ومن المؤكد أن هذا سيعني في نهاية المطاف العثور على معادل لصفحة تحديث الوضع على ''فيس بوك''، وهو أمر أخفق برنامج ''بزز'' في تحقيقه حتى الآن. استحواذ ''جوجل'' على ''توتير'' أمر ما يزال منطقيا ومعقولا حتى الآن؛ لأن هذا من شأنه أن يأتي بعلامة تجارية جديدة وبُعدٍ إضافي بالطريقة نفسها التي تمت مع الاستحواذ على ''يوتيوب''. - استحوذت ''جوجل'' على ''يوتيوب'' في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2006. وستكون لهذا الاستحواذ ميزة إضافية وهي المزاوجة بين شركة أصبح اسمها مرادفا للإخفاق في العثور على أنموذج ذي كفاءة في الأعمال، وبين شركة تجلس على نبعٍ قوي من الأموال النقدية. في الربع الأخير من هذا العام سيبدأ تطبيق البرنامج الذي اقترحه لاري بيج لتقديم ''العلاوة الاجتماعية'' إلى موظفي ''جوجل''. ربما يكون هذا في وقت مبكر لا تتسنى فيه رؤية النتائج الحقيقية من التقدم الأخير باتجاه الشبكات الاجتماعية، لكن الرسالة التي أرسلها لا تفتقر إلى المنطق: إن ''جوجل'' ليست بحاجة إلى إنشاء شبكة اجتماعية جديدة من الصفر، وهي أقرب مما يبدو في الظاهر إلى تحقيق بعض النتائج. ليس معنى أي من ذلك أن نقلل من شدة التحدي. إن مجرد الجمع بين السلوك الاجتماعي وبين خدمة إنترنت قائمة، كما أثبتت شركة أبل من خلال محاولتها إرفاق شبكة ''بنج'' للموسيقى بمتجر آي تونز، لن يحقق النجاح إلا إذا شاهد المستخدمون منافع قوية للغاية. توجد لدى ''جوجل'' كثير من السبل لارتكاب هذا الخطأ. فالممتلكات التي من قبيل ''يوتيوب'' و''أندرويد'' (برنامج جوجل لتشغيل الهواتف الجوالة) وبرنامج ''كروم'' (للتصفح على الإنترنت)، يمكن أن تصبح منصات قوية لترويج ونشر خدماتها الاجتماعية. لكن إكراه المستخدمين على تناول وجبات بديلة عن ''فيس بوك'' (وهي وجبات لا يريدونها ولا هم في حاجة إليها) إنما هو وصفة لتحقيق كارثة، كما شاهدنا من المشكلة الحادة حول الخصوصية، التي أثيرت بخصوص برنامج ''بزز''. السؤال المهم الآن هو ليس ما إذا كانت شركة جوجل ''ستتحول'' إلى عالم الشبكات الاجتماعية، وإنما هو ما إذا كانت منسجمة مع مصالح مستخدميها وتعاملهم باحترام كما تدعي.