تساءل أعضاء في مجلس الشورى أمس، عن توقعات المؤسسة العامة للتقاعد ودراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع العملاقة التي تنفذها في مدينة الرياض مقارنة بتكاليفها العالية، داعين في هذا السياق إلى دراسة ملاءمة فكرة أن تطرح المؤسسة عددا من مشاريعها للمشاركة مع مستثمرين عقاريين بنسبة معينة، ومن ثم طرحها للاكتتاب العام بنسبة لا تقل عن 50 في المائة حتى تستطيع تمويل مشاريعها بلا عوائق مستقبلية. جاء ذلك خلال مناقشة المجلس برئاسة الدكتور عبد الله آل الشيخ أمس، تقرير من لجنة الإدارة والموارد البشرية بشأن التقرير السنوي للمؤسسة العامة للتقاعد للعام المالي 1430/1431ه. وتناولت مداخلات الأعضاء خلال المناقشة أهمية أن تقوم المؤسسة بتحديث نظامها لمواكبة المستجدات التي طرأت على الصعيدين المالي والاجتماعي خلال هذه السنوات، كما دعا الأعضاء إلى ضرورة تأمين معاشات المتقاعدين من المخاطر الاستثمارية وعدم تأثر صرف المعاشات في ظل الزيادة المطردة في أعداد المتقاعدين في كل عام، مؤكدين على أهمية أن تفصح المؤسسة عن حجم استثماراتها وأنشطتها في خارج المملكة. وتركزت مداخلات الأعضاء أيضا على جملة من المواضيع التي تعالج أعمال المؤسسة وأنشطتها واستثماراتها. ورأى البعض أن هناك عدم وضوح في استثمارات المؤسسة، كما أنها في كل عام يزيد لديها الصرف على المشاريع، إلى جانب أنها لم توضح العوائد الاستثمارية من تلك المشاريع، حيث إن المؤسسة لديها استثمارات تقدر ب 50 مليار ريال في الداخل وفي الخارج لا نعلم، متسائلين إذا لم تفصح المؤسسة أمام ولي الأمر عن استثماراتها الخارجية فكيف بنا في مجلس الشورى أن نعرف ما قيمة استثمارات المؤسسة في الخارج. كما تساءل البعض عن سبب انخفاض استثمارات المؤسسة خلال عام التقرير، حيث الملاحظ أن هناك انخفاضا في الاستثمارات بنسبة 19 في المائة، كما أن الإيرادات لعام 2010 بلغت 16 مليار ريال بنسبة انخفاض أيضا بلغت 28 في المائة. فيما طالب أحد الأعضاء المؤسسة بتوضيح أسباب الزيادة الكبيرة في الصرف على الباب الرابع، حيث أوضح التقرير أن مصروفات الباب الرابع والمخصص للصرف على المشاريع الجديدة خلال عام 1429ه بلغت 341 مليون ريال، وفي عام 1430ه بلغت 1094 مليون ريال أي بنسبة زيادة تصل إلى 221 في المائة. بينما اقترح عضو على المؤسسة أن تفتح الباب أمام القطاع الخاص للاستثمار في مركز الملك عبد الله المالي وذلك للمساهمة في تمويل إنشائه، مبررا مقترحه بأن المؤسسة تمر بأزمة في تنفيذ مشروع مركز الملك عبد الله المالي والذي رصد له نحو 28 مليار ريال، حيث إنه لم يتم إنجاز حتى الآن سوى 5 في المائة منه. ويتجه مجلس الشورى إلى تأكيد قراره بشأن المطالبة بالإسراع في إنهاء دراسة مشروع النظام الجديد للتقاعد، حيث أشار تقرير لجنة الإدارة والموارد البشرية إلى مضي ثماني سنوات على رفع مشروع النظام الجديد لأول مرة وتمت دراسته ومراجعته من قبل العديد من اللجان والجهات المعنية. وترى اللجنة أهمية أن يأخذ النظام المقترح باعتباره المتغيرات الحياتية المختلفة في المجتمع. كما أوصت اللجنة بدراسة الاستمرار في صرف المعاش للمستفيد من الذكور حتى بلوغ سن 26 سنة أو الحصول على وظيفة، وترى ضرورة إعادة النظر في هذا الأمر بما يضمن تحقيق العدالة والإنصاف بين فئة المستفيدين من المعاش التقاعدي. وفي موضوع ثان، أسقط مجلس الشورى أمس مقترحا مقدما من أحد الأعضاء يطالب بقصر الخدمات الصحية الحكومية على المواطنين ومنسوبي القطاعات العسكرية التابعة لهم دون مقابل. حيث لم يوافق المجلس بأغلبية الأعضاء على ملاءمة الاستمرار في دراسة المقترح المقدم من العضو اللواء الدكتور محمد أبوساق. جاء ذلك عقب استماع المجلس إلى تقرير لجنة الشؤون الصحية والبيئة بشأن مقترح إضافة مادة جديدة إلى النظام الصحي الصادر بالمرسوم الملكي بتاريخ 23/3/1423ه تقضي بقصر الخدمات الصحية الحكومية على المواطنين، وإلغاء مراكز الأعمال في المستشفيات الحكومية المتخصصة بالعلاج الخاص وذلك بموجب المادة 23 من نظام المجلس. وبرر صاحب المقترح في عرضه عناصر مشكلة الدراسة التي دعته إلى تقديم هذا المقترح، أن بعض المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية بدأت في تخصيص نسبة كبيرة من خدماتها الصحية بمقابل مالي، وتم فتح مراكز تجارية في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية تتولى استقبال من يدفع الأموال من المرضى وتحدد لهم المواعيد وتقدم لهم الخدمات اللازمة بشكل مرن وسريع يرقى إلى ما يطمح إليه المواطنون وما أنشئت لأجله هذه المستشفيات. وحذر أبو ساق من هذا التوجه الآخذ في التنامي، قائلا ''إنه يتعارض مع الغرض الذي أنشئت لأجله المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية وهو تقديم الرعاية الصحية الكاملة للمنسوبين في قطاعات الدولة المختلفة بما في ذلك أولوية العلاج''. وأضاف ''من المعلوم أن تلك المراكز التجارية في المستشفيات والمراكز الصحية تمنح زبائنها فرصاً للعلاج بمواعيد متيسرة على حساب الوقت والجهود والخدمات المفترض تقديمها مجاناً للمواطنين وللمنسوبين العسكريين''. وخلصت توصيات مقدم المقترح إلى إضافة مادة من ثلاث فقرات للنظام الصحي تنص على تخصيص كامل الرعاية الصحية في المستشفيات والمراكز العلاجية التابعة للوزارة والقطاعات العسكرية لعلاج المواطنين والمنسوبين دون مقابل مالي، ولا يجوز تحويل بعض الأقسام أو المجهودات الطبية إلى مراكز تجارية تقدم الرعاية الصحية بمقابل مالي، وكذلك في حال توافر فائض في الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات ومراكز العلاج العسكرية يتم تخصيص ذلك لصالح المواطنين دون مقابل مالي، على أن توضح اللائحة كيفية تنفيذ ذلك، وحددت المادة أيضا تولي مجلس الخدمات الصحية وضع الإجراءات الكفيلة بتحقيق ما ورد في الفقرتين أعلاه. وفي موضوع آخر، دعا أعضاء مجلس الشورى أمس إلى إعادة إحياء عدد من الموانئ الصغيرة والمتوسطة في المدن الساحلية في المملكة وتخصيص عملها لنقل البضائع داخل البلاد للتخفيف على حركة النقل البري، وكذلك استثمارها في النقل السياحي بين السواحل والجزر السعودية. جاء ذلك خلال الاستماع إلى تقرير بعد ذلك من لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بشأن التقرير السنوي للمؤسسة العامة للموانئ للعام المالي 1430/1431ه. وأكد أعضاء المجلس خلال المناقشة على أهمية دور الموانئ السعودية في ربط الاقتصاد السعودي بالعالم من خلال الصادرات والواردات باعتبار أن الموانئ حلقة مهمة للتواصل الاقتصادي، وكذلك في حركة الركاب. ودعا الأعضاء إلى ضرورة التنسيق بين الجهات الحكومية العاملة في الموانئ وضرورة مبدأ تطبيق الجودة الشاملة، وحل المعوقات التي قد تعاني منها الموانئ بسبب تخصيص عدد من أنشطتها وضرورة متابعة العاملين فيها. كما وافق مجلس الشورى بالأغلبية على مشروع اتفاقية النقل متعدد الوسائط للبضائع بين الدول العربية، وذلك بهدف الاستماع إلى وجهة نظر لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بشأن المشروع. وتتيح هذه الاتفاقية التي تقع في 52 مادة في عشرة فصول، مواكبة المستجدات في مجال النقل بناء على ما تحتاج إليه الدول العربية في هذا المجال، ولا تؤثر هذه الاتفاقية في حق أي طرف موقع عليها في وضع أطر تنظيمية خاصة به. كما تعمل الاتفاقية على تعزيز الروابط الاقتصادية بين الدول العربية وتنشيط حركة النقل والتجارة البينية وتسهم في زيادة حركة شحن البضائع.