أكد الدكتور عبدالعزيز الحميدي ان "رسالة الطائفة المنصورة في عقر دار المؤمنين" كتبت بلغة متشنجة من أولها إلى آخرها وتقف خلفها نفسية متأزمة بشدة تريد أن تظهر هذه الأزمة النفسية باسم إنقاذ ما يمكن انقاذه من هذه الأمة، مشيرا الى أن واضعها سلك مسلك التكفير بالعموم دون استثناءات وألغى جميع ضوابط التكفير وهو في منهجه يكاد يتفوق حتى على كثير من طوائف الخوارج القدماء. وانتقد الحميدي جرأة واضعها في تكفير مجتمعات المسلمين وجميع خطباء الجمع وجميع المشايخ وجميع القضاة وجميع الحكام, كاشفا تجرؤ واضعها على الله سبحانه وتعالى، ونقله لآيات من المصحف الشريف نقلاً محرّفاً يحذف منها دون احترام النص القرآني. واوضح أن خوارج العصر الحديث أحدثوا جرحا خطيرا جداً في الأمة يخبو وينكأ من جديد وقديما بسبب فتنة الخارجين تحولت جميع جهود الدعوة كرسالة للإسلام لتصحيح هذا المرض الداخلي حتى السيوف المجاهدة والفتوحات ونشر الإسلام توقفت أيام علي بن أبي طالب وما بعده بقليل لما ظهرت هذه قضايا. وقال إن المقاصد الشرعية تدعونا لنكون أمةً واحدة وكل الخطابات التي في القرآن جاءت بخطاب الجماعة وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان والأعذار والاستفادة من جميع المواهب وجميع الطاقات وكما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل، فاذا دخلت هذه الظاهرة أولاً أساءت الظن عند عموم الناس في القضايا الشرعية والدينية كما هو ظاهر اليوم, أو غلواً وتكفيراً فتصبح القضية الشرعية بسوء سلوك طائفة من الغلاة. واوضح الحميدي أن الغزو الفكري أثر في فترات كبيرة لكن سهل رده ودفعه، وقال: لكن عندما يأتي الأمر من داخل الأمة، ومعظم البدع الكبرى التي ظهرت في الإسلام، مثل بدعة نفي القدر وعموم مذاهب القدرية قديماً وحديثاً، مذاهب الجهمية ونفي الصفات وتعطيلها وما يتعلق بالغيبيات عموماً والتشكيك فيها وإدخال العقل البشري في قضايا الغيبية وبالتالي اختصارها أو نفيها أو تعطيلها أو إلغائها باسم العقل، هي وافدة في الحقيقة، ويقول الإمام أول من تكلم في القدر رجل نصراني يسمى سيسويه البقال ادعى الإسلام، ثم نشر هذه الفكرة فتقبلها عنه بعض الناس. وبين أن مذهب الغلو للخوارج القدماء نشأت من داخل الأمة بتوظيف النص الشرعي، ولذلك كانت خطيرة، مشيرا الى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حذر من بدعة الخوارج لأنها أحدثت جرحا خطيرا جداً في الأمة يخبو وينكأ من جديد. وعرج الحميدي للحديث عن رسالة الطائفة المنصورة معتبرها متشنجة من أولها إلى آخرها, وقال ان فيها تشنجا شديدا تقف خلفها نفسية متأزمة بشدة تريد أن تظهر هذه الأزمة النفسية بشعار إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأمة التي ضاعت وارتدت، ولذلك هو سلك مسلك التكفير بالعموم دون استثناءات وألغى جميع ضوابط التكفير يكفر بمطلق الفعل الذي يتصور هو حتى ليس النص الشرعي الحقيقي. واضاف: لاحظت في هذه الرسالة مظهرا غاليا جداً يكاد يفوق حتى كثير من طوائف الخوارج القدماء, هي فعلاً صغيرة وعديمة المنهجية أصلاً ولا توجد فيها منهجية علمية كنت أتوقع استعراضا واسعا للآيات القرآنية وتفاسيرها وللأحاديث النبوية فأعددت نفسي لدراسة واسعة، فإذا به يعني رسالة يكفر بها جميع مجتمعات المسلمين وجميع خطباء الجمع وجميع المشايخ وجميع القضاة وجميع الحكام وكل من رضي بهم ثم لا تجد فيها إلا آيتين أو ثلاث وبعضها محرّف، كنت أتصور دلالة على جهل عظيم وجرأة، جرأة من أعظم ما يمكن على الله -سبحانه وتعالى- على آيات تنقل من المصحف الشريف نقلاً محرّفاً يحذف منها كلمات. وبدأ الحميدي خلال الحلقة باظهار نماذج توضح الاخطاء في الرسالة, وقال انه في الاية التي في سورة براءة وسأقرأها كما نقلها ثم نبين الآية الصحيحة كما أنزلها الله سبحانه وتعالى وهي قوله تعالى "ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار إلا كتب لهم به عمل صالح" فحذف جملة كاملة وهي قوله تعالى "ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح" فجملة "ولا ينالون من عدو نيلاً" سطقت من الآية ثم هو لا يعزو أصلاً هو لا يقول هذه الآية في سورة براءة، التوبة آية رقم كذا يذكرها بين قوسين حتى الذي لا يعرف القرآن لا يتفطن أنها من كتاب الله -جل وعلا- وهو يعلم ربما أن كثير من يقرأ حتى الشباب ربما يتأثرون لان عنده أريحية، كما ان هذه الآية أو هذه الجملة من داخل الآية على التحريف الذي وقع فيها والاختصار مع أنه لا يسوغ نقل القرآن باختصار ولا بتحريف إلا إذا كان جاهلاً لا يعرف أو ينقل من حفظه ولا يكلف نفسه مراجعة القرآن الكريم وهو يؤلف ويدعو إلى فكرة خطيرة، هذه الجملة من الآية هي في سياق الآيات التي أمر الله بها عموم المسلمين بأن يكونوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا استنفرهم ينفروا وإذا دعاهم للجهاد يستجيبوا وهذه الآية هى ليستدل فيها الأئمة على أن الجهاد مرتبط بالقائد وولي الأمر والإمام لا في شخص النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه في زمنه في شخص النبي صلى الله عليه وسلم لأنه جمع مع منصب النبوة ومنصب الرسالة ومنصب القيادة والإمام والتي ترجم الأئمة على مثل هذه الآية على باب اذا استنفر الإمام الناس وجب النفير فيأتون بمثل هذه الآية المبتدأة بقوله تعالى في أعقاب قصة الثلاثة الذين خلفوا وهي قوله تعالى "ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ضمأ ولا نَصَب ولا مخمصةٌ في سبيل الله ولا يطأون موطناً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقةً صغيرةً ولا كبيرةً ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون" ثم بعد هذه مجموعة الآيات التي دليلها أن القائد والإمام وولي الأمر إذا استنفر الناس في قضية اجتمعوا إليه ونفروا معه، فربط النفير بالإمام هذا وجه دليل الآية وهذا موردها جاء بعده مباشرة الآية وهي قوله تعالى "وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفةٌ ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون" هذا يدل على أن المجتمع في حاجة إلى من يتعلم ومن يدرس ومن يتفقه ومن يقضي ومن يحدد متى ينفر هؤلاء والى أي جهة ينفر هؤلاء ومن يذهب ويفرغ لطلب العلم ومن يفرغ للقضاء هو الإمام القائد ولي الأمر، ولذلك تنتظم الأمور ويكتمل نشاط الأمة سواء في دفاعها عن نفسها أو في قتالها لأعدائها أو في حفظها لميراث النبوة وهو الأهم والأعظم ووظيفة العلماء والفقهاء أو في غيرها من جوانب البناء هذا مورد الآيات وهذا موضعها وهذا ألغى ما قبلها ولقط من منتصف الآية جملةً يريدها ليضخمها بمدح نفسه وهذا ويا ليت نقلها حتى سليمة بل نقلها محرفة ولكن فيها جرأة على الله وعلى كتابه الكريم, مشيرا الى انه هي المسلك اللي سلكوه عندما يوجهون التكفير في البداية إلى الحاكم أو ولي الأمر ثم كل من بايعه أو عاش تحت ولايته أو عمل في نظامه باللازم يكفرونه والتكفير باللوازم فإذا أسقطوا ولي الأمر وأسقطوا قبله أو بعده ومعه أهل العلم الذين إليهم مرجع الولاية الشرعية في تعليم الناس وحفظ ميراث النبوة سهل عليه أن يبث. وأكد انه يبث فكرا فاسدا بنصوص محرفة في فكر طائفة الشباب، وقال انه من أعظم الخلل في هذه الرسالة ويجب أن يقال ذلك لأن فيه تأدية للأمانة وفيه دفاع عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن حديثه وفيه توضيح لما ربما يتأثر خاصة من قطاع الشباب لأن كلمة السنة والحديث لها قبول عند الناس خاصة عند قطاع الشباب، تأملت في هذه الرسالة بدقة وجدت ما فيها الا بضعة أحاديث وأكثرها ما بين ضعيف وضعيف جداً وهذا من أعظم ما يمكن، يعني جرأة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني أحاديث الجهاد، كما يقول العلماء تفوق المئتي حديث الصحيحة الثابتة، مئتا حديث في أصوله وقواعده وشروطه وضوابطه وأدابه وأموره كلها، لأنه مشروع كامل هو مو مجرد اقتل مشروع عظيم له أهدافه له قواعده له أسسه. واضاف: أكثر من مئتي حديث مع الآيات العظيمة، ولذلك الإمام البخاري من أضخم الكتب داخل الجامع الصحيح كتاب الجهاد والسيّر وضم كل أو معظم هذه الأحاديث المئتين في هذا الكتاب ولا حديثاً واحداً من هذه الأحاديث المئتين التي في الجامع الصحيح في البخاري أو في مسلم أو في الكتب الستة حتى واردٌ في هذه الرسالة، أورد حديثين على سبيل المثال حديث ضعيف والآخر معضل يعني سقط من سنده طبقتان من الرجال وأكثر، وأتى بحديث ابن عمر حديث ابن عمر أخرجه الإمام أحمد في المسند وأخرج جزءاً منه أبو داوود لغرض معين وأوله يعني معزواً للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأقول معزواً ولا أقول قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن الحديث ضعيف كما سأذكر بُعثت بالسيف بين يدي الساعة هو يريد كلمة السيف الآن وأن منذ أن بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن مات، إلى السيف مباشرة وهذا الفهم خطأ والدليل ضعيف، الفهم خطأ والدليل ضعيف، نعم النبي -صلى الله عليه وسلم- جاهد وأمر بالجهاد ضمن مشروع متكامل حسب تشريع الله -سبحانه وتعالى- والمنزل وتدرجاته العظيمة الكثيرة كما هو معلومٌ لمن قرأ هذا الباب العظيم، حديث بُعثت بالسيف بين يدي الساعة أخرجه الإمام أحمد فيه علتان قادحتان بيّنها الأئمة ووضحوها، العلة الأولى في سنده رجل اسمه عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي ضعيف, وكبار الأئمة اتفقوا على ضعفه, ثم انه يرويه عن رجل اسمه أبو منيب الجرشي وهو رجل مجهول لا يعرف اسمه وليس له في الكتب الستة كلها ابو منيب الا هذا الحديث الواحد مع جهالته وحاله وتضعيف وتنصيص كالنسائي وغيره على تضعيفه ولما أراد أبو داوود أن يعطي هذا الحديث اعتباراً وأبو داوود صاحب السنن لما يخرج الحديث كله وانما أخرج الجملة الأخيرة منه وهي قوله ومن تشبه بقوم فهو منهم لأن لها شواهد معنوية أخرى من نصوص أخرى تسندها فهو وضع هذا الحديث في ديباجة رسالته على أن السيف هو العنوان الرئيس لدعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو حديث كما ذكرت الآن على هذا المستوى من الضعف والبخاري وداخل كتاب الجهاد الإمام البخاري دعنا من مؤلف هذا الرسالة هذا لا يفهم شيئاً وجهة نظري أنا من خلال ما قرأت من كتابه هذا، إمام المحدثين البخاري نبه الى ضعف هذا الحديث وفي كتاب الجهاد في الجامع الصحيح ليس يعني كذا وعقد باب في ضمن الجامع الصحيح قال باب ما قيل في الرماح يعني استخدام أنواع الأسلحة قال ويذكرُ عن ابن عمر مرفوعاً ويذكر عن ابن عمر جعل رزقي تحت ظل رمحي في حديث بعثتُ بالسيف هو جزء من هذا الحديث من المتفق عليه عند طلبة العلم والمحدثين أن البخاري إذا قال يذكرُ هذا صيغة يسمونها صيغة التضعيف وصيغة التمريض وإنما قصد البخاري التنبيه إلى ضعف. وبين الحميدي أن مؤلف الرسالة أورد حديثا غريبا في ألفاظه، منكرا في متنه، معضلا في سنده، منسوبا لعلي بن أبي طالب ولعلمه أو ربما لجهله ما خرّجه ولا ذكر من رواه وهذه أساليبهم مثل هذه الرسائل ما يكلف نفسه على تخريج الحديث ولا الإشارة الى مواضعه ولا ما قيل في علله لأنه سينبه القارئ أنه بحديث ضعيف وأنه سيقال له طيب كيف تأتي بحديث ضعيف فخلاص لا يؤخذ كلامه هو يريد أن يؤخذ كلامه بتهيج العاطفة فيأتي بحديث ولو كان موضوعاً حتى. واضاف أن آيآت براءة مثلاً التي جعلها هو في الحديث أو أدخلها في لفظ هذا الحديث المعضل إنها هي جهاد المشركين الذي فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن آيات براءة لما نزلت هي نزلت كمرحلة أخيرة شرحها بتفصيل شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "الإيمان الأوسط" آخر غزوة غزاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه هي غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة وبعدها ما غزا ولا جهز جيشاً ولا حتى سريةً الا قبل موته بأيام عقد الرايه لجيش أسامة ثم توفي -عليه الصلاة والسلام- وأنفذ الجيش أبو بكر بعده، أما ما سوى ذلك لم ينفذ غزوةً ولا سريةً بعد تبوك وما بقي في جزيرة العرب في سنة تسع لا يدين بالإسلام إلا قبائل متفرقة وأفراد ضمن قبائل ضمن قريش، فأراد الله -عز وجل- أن ينهي الأمر معه إما ان يسلموا أو بأن يعلموا بأن مكة ومناسك الحج وأرض العرب ليست لهم فليبحثوا لهم عن موطن آخر فجاءت آيات براءة بنبذ العهود، وأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر سنة تسع للحج وأردفه بعلي لينبذ هذه العهود ونصوصها ألا يحج بعد العام مشرك تحريم مكة عليهم ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عهد عند رسول الله فعهده إلى مدته، ومن ليس له عهد فله أربعة أشهر، ثم يبحث له عن ملجأ يلجأ اليه أما أرض العرب فمحرمة عليه هذه مقتضى هذه آيات براءة، ولذلك لما نزلت كما يقول ابن اسحاق وغيره كل من بقي من مشركي العرب وفدوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وسميت سنة الوفود وأسلموا وانتهى حكم هذه الآيات بإسلام العرب، إلا أفراد منهم من هرب إلى الشام أو إلى اليمن مثل وهب بن أبي هبيرة هرب إلى نجران ومات مشركاً هناك ومنهم من ذهب إلى الشام ومنهم فخلت الجزيرة، ولذلك في صحيح البخاري، مطالبا من لا يثق في كلامه الرجوع إلى صحيح البخاري كتاب التفسير باب تفسير سورة التوبة.