اكتشف علماء الأحياء البحرية مجموعة هائلة ومتنوعة من الحيوانات البحرية تعيش في ظلمات الأعماق السحيقة للمحيط الأطلسي التي لا تنفذ إليها أشعة الشمس نهائيا. وتتنوع هذه التشكيلة النادرة بين كائن شبيه بأخطبوط عملاق له ثمانية أرجل وزعانف تصفق كأذني الفيل وقشريات صغيرة جدا تضيء كالجواهر الملبسة بالذهب. وتعجب العلماء من تنوع الحيوانات التي اكتشفوها أثناء بعثة استكشافية تحت الماء أخذتهم إلى عمق 5000 متر حيث حددوا الآن 17650 صنفا يعيش في هذا العمق. ومن بين أعجب الحيوانات صنف نادر من الكائنات البدائية يسمى سيرات أو الأخطبوط المزعنف والمعروف عادة باسم "دمبو"، لأنها تسبح برفرفة زوج من الزعانف الشبيهة بأذن الفيل كما في شخصية ديزني الكرتونية. لكن الأصناف الاستثنائية التي اكتشفها العلماء يطلق عليها الآن اسم "جمبو دمبو"، لأنها تنمو حتى يصل طولها إلى مترين وتزن نحو 6 كيلوغرامات، وهي من أكبر الأصناف التي اكتشفت على الإطلاق كما تشهد بذلك سجلات الإحصاء الرسمي للحياة البحرية، المنظمة المظلة التي تراقب البحوث العالمية للمحيطات. وقد رصد العلماء أيضا أنواعا أخرى من الحيوانات المطمورة في طين قاع البحر لا يتعدى حجمها بضعة ملليمترات وتقتات على الرواسب الساقطة من أعلى التي تترواح بين العوالق الميتة وبقايا جيف الحيتان الضخمة. وكان الاعتقاد السائد قديما، نظرا لقلة المعلومات المتاحة، أن هذه الأعماق السحيقة ما هي إلا صحارى قاحلة. لكن البعثة الاستكشافية التي قام بها علماء الأحياء من جامعة لويزيانا الأميركية مستعينين بغواصة بدون ملاح استطاعت الوصول إلى أعماق لم يصل إليها إنسان من قبل، وكلما زاد العمق تنوعت الكائنات أكثر. واستطاع العلماء جمع 680 عينة من الحيوانات المجهرية المسماة كوببود التي تعيش في العوالق لكنهم تمكنوا من تحديد سبعة منها فقط وبدت البقية جديدة على العلم، بما في ذلك نوع كان يلمع كجوهرة لها بريق ذهبي عندما تضيء. ويقول العلماء إن توزيع الأصناف في البحار العميقة مليء بالغموض وحيوانات هذه القيعان السحيقة متنوعة جدا لدرجة أن التعرف على ملء فنجان قهوة من هذه الكائنات الدقيقة يعتبر تحديا شاقا.