الملح سبب أساسي والتوتر ليس مبرراً تصل نسبة المرضى الذين يعانون ارتفاعاً في ضغط الدم غير المسيطر عليه إلى 70 في المئة. ورغم خطورة هذه المشكلة، يجهل الناس بشكل عام أهمية المضاعفات التي قد تنتج عنها بين لحظة وأخرى دون سابق إنذار كالجلطة أو مشكلات في القلب أو الكلى. وكل الإحصاءات تظهر أن نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم الذي يعتبر مرضاً وبائياً في تزايد مستمر في العقدين الأخيرين، مما يدعو إلى التحرك السريع لمواجهة هذه الآفة المنتشرة. صحيح أن الدواء حل لا بديل عنه، لكن في الوقت نفسه تعتبر التغذية، خصوصاً لجهة ارتفاع نسبة الملح في الأكل والدهون، مسؤولة عن ارتفاع ضغط الدم بحسب التقارير الطبية العالمية. البروفسور اللبناني الاختصاصي بأمراض القلب عادل برباري، شدد على الخطر الكامن في الملح، مشيراً إلى أنه لا ضرورة صحية له. - ما سبب انتشار ارتفاع ضغط الدم بشكل واسع في أيامنا هذه؟ يزداد ارتفاع ضغط الدم انتشاراً وخطورةً مع انتشار السمنة المتزايد. علماً أن نسبة السمنة تزايدت بكثرة في السنوات الأخيرة نتيجة نمط الحياة غير السليم الذي يعتمده الناس والذي يعتمد على نظام غذائي غني بالسعرات الحرارية والدهون وعلى حياة الركود وانعدام النشاط وقلة ممارسة الرياضة. - يعتبر ارتفاع ضغط الدم من المشكلات التي لا أعراض واضحة لها، كيف يمكن التفكير في احتمال وجودها؟ تعتبر الأعراض الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم في المراحل الأولى شبه معدومة، مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبةً. إذ أن عدم انتباه المريض إلى احتمال وجود المشكلة يؤخر التشخيص والعلاج. لذلك، يعتبر قياس الضغط بانتظام الوسيلة الفضلى لاكتشاف هذا المرض الصامت والقاتل أحياناً. ويعتبر الفحص المنتظم ضرورياً، خصوصاً في حال ظهور أعراض معينة كالصداع وعدم وضوح الرؤية أو في حال وجود أمراض أخرى. كما أنه لا بد من مراجعة الطبيب بانتظام والتقيّد بإرشاداته للحد من مضاعفات المرض. يعتبر ارتفاع ضغط الدم مشكلة بسيطة بالنسبة للناس، عادةً ونادراً ما يعيرونها الاهتمام اللازم، إلى أي مدى يمكن أن يكون هذا المرض خطيراً وما المضاعفات التي قد تنتج عنه؟ قد تنجم عن ارتفاع ضغط الدم مضاعفات خطيرة، بحيث لا يمكن الاستهانة به أبداً. ومن المضاعفات تلف شبكة العين ومشكلات في القلب والكلى والجلطة. من هنا، لا بد من التركيز على أهمية تأمين العلاجات اللازمة والتركيز على الثقافة والوعي الصحي في المجتمع للحد من مضاعفات المرض. - هل من نصائح معينة يمكن الالتزام بها بهدف تجنب ارتفاع ضغط الدم؟ بالدرجة الأولى ينصح باتباع نظام غذائي صحي وسليم وممارسة الرياضة بانتظام لمحاربة البدانة وغيرها من الأمراض كالسكري. كما أنه لا بد من التشديد على خطورة التدخين وضرورة وقفه نهائياً. - هل يكفي نمط الحياة الصحي وحده لتأمين الحماية من ارتفاع ضغط الدم؟ في الواقع، هذه العوامل ليست وحدها السبب للإصابة بارتفاع ضغط الدم لأن الوراثة تلعب دوراً مهماً في الإصابة به. ففي حال وجود العامل الوراثي لا يمكن منع الإصابة نهائياً. لكن في الوقت نفسه، هذا لا يعني أن الشخص سيصاب حكماً بارتفاع ضغط الدم في حال وجود عنصر الوراثة، بل يمكن العمل على تجنبه باتباع نمط حياة صحي ومناسب يرتكز على تغذية سليمة. - يحكى الكثير عن التأثير السلبي للملح في الطعام على ضغط الدم، ما مدى صحة ذلك؟ يعتبر الملح من العناصر الأساسية التي لها تأثير سلبي على ضغط الدم. وقد تبين أن البلاد التي يكثر فيها الناس من تناول الملح تكثر فيها نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم. على سبيل المثال، تكثر الوفيات الناتجة عن الفالج في شمال اليابان حيث يكثر الشعب من تناول الملح في الطعام. لذلك يمكن القول إن ثمة علاقة لا شك فيها بين الإكثار من تناول الملح وارتفاع ضغط الدم. وبالتالي عندما تخفض كمية الملح في الطعام، ينخفض ضغط الدم عادةً. مع الإشارة إلى أن نسبة ارتفاع ضغط الدم تعتبر مرتفعة في لبنان،خصوصاً لدى الشباب نظراً إلى الميل المفرط لتناول الأطعمة السريعة التحضير الغنية بالملح والمشروبات الغازية التي تحتوي على نسبة عالية من الملح أيضاً، إضافةً إلى كونها مسببة لزيادة الوزن. ما كمية الملح التي يسمح بتناولها يومياً؟ في بلد كلبنان، يمكن العيش بكمية من الملح لا تتعدى النصف غرام يومياً نظراً إلى كثرة الأطعمة الغنية بالملح التي نتناولها، إلى جانب تلك التي نضيف إليها الملح. وصحيح أن النصف غرام تعتبر كمية قليلة، لكن يجب أخذ الكمية الباقية التي نحصل عليها في الأطعمة الأخرى التي نتناولها والتي تحتوي على الملح أصلاً قبل أن نضيفه إليها. وبالتالي يصل مجموع كميات الملح التي نتناولها يومياً إلى أكثر من خمسة غرامات. وتجدر الإشارة إلى أن رشة الملح التي نضيفها إلى الطعام تساوي وحدها ثلاثة أو أربعة غرامات. ولأننا سنحصل على حاجة الجسم من الملح ننصح بالامتناع عن إضافته إلى الطهو أو وضعه على المائدة لتجنب الكميات الزائدة منه. - هل يكفي التخفيف من تناول الملح وحده لخفض ضغط الدم؟ إلى جانب أدوية الضغط الفاعلة المتوافرة، يساعد خفض كمية الملح في الطعام على خفض ضغط الدم ويساعد على تخفيف كمية الدواء التي يتناولها المريض. هذا مع الإشارة إلى أنه لا يمكن الاستغناء عن الدواء في حال تخفيف كمية الملح في الطعام، لكن على الأقل يمكن تخفيف جرعة الدواء. - هل من أشخاص يشكل الملح خطراً أكبر عليهم؟ ينصح الكبار في السن ومرضى السكري والقلب بالامتناع عن إضافة الملح إلى الطعام لأن ارتفاع الضغط يشكل خطراً أكبر عليهم. - ألا يشكل انخفاض ضغط الدم خطراً أيضاً كارتفاعه؟ في الواقع، لدينا مفهوم خاطئ لانخفاض ضغط الدم. إذ لا وجود لمستوى ضغط دم منخفض. يمكن أن يكون ضغط الدم منخفضاً ويعيش الشخص حياةً طبيعية لأن هذه طبيعة جسمه ولا مشكلة في ذلك لأن مستوى الضغط يكون منخفضاً دائماً. أما الشخص الذي يكون ضغطه في مستوى معين وينخفض فجأة، فيترافق ذلك مع مشكلات أخرى وتظهر أعراض معينة تلفت الانتباه. - هل يمكن الشفاء من حالة ارتفاع ضغط الدم أم أنها تحتاج إلى علاج دائم؟ لا يمكن الشفاء نهائياً من ارتفاع ضغط الدم بل يمكن خفض جرعة الدواء بعد الحصول على النتيجة المطلوبة. وحتى الآن لا يعرف سبباً واضحاً لارتفاع ضغط الدم حتى يكون من الممكن الشفاء نهائياً منه ووقف العلاج. - ألا يمكن وقف الدواء حتى في حال انخفاض الضغط؟ لا يمكن وقف الدواء عشوائياً حتى في حال خفض الضغط. - ألا يمكن أن ينخفض الضغط أكثر من اللازم في حال متابعة تناول الدواء؟ يخفض الدواء ضغط الدم بالشكل المناسب ويضبطه إذا كان المريض يعاني ارتفاعاً فيه ولا يخفضه أكثر من اللازم. ماذا عن التدخين وشرب القهوة؟ يعتبر التدخين من أهم أسباب نشاف الشرايين، ويستمر تأثير السيجارة السلبي خلال نصف ساعة، فكيف إذا كان المريض يدخن بشكل متواصل؟ هذا يشكل خطراً كبيراً. هل صحيح أن التوتر يلعب دوراً في رفع مستوى ضغط الدم؟ يرفع التوتر مستوى ضغط الدم لدى الكل لكن بدرجة واحدة أو بشكل بسيط. وبالتالي ليس التوتر سبباً لارتفاع ضغط الدم، إلا لمن لديه استعداد أصلاً لذلك. فمن يعاني ارتفاعاً في ضغط الدم يرتفع ضغطه بنسبة كبرى عند التعرّض للتوتر. لكن لا يعتبر التوتر سبباً لذلك لأنه لا يزيده إلا بنسبة بسيطة. ولتحديد ذلك، تتم مراقبة ضغط المريض عند الراحة للتأكد مما إذا كان يتحسن ليلاً وما إذا كان التوتر سبباً لارتفاع ضغطه