أثار الرماد المنطلق من البركان الآيسلندي الكثير من التساؤلات والمخاوف عما يجري فيه وعن التأثيرات المحتملة، ولذلك فان من المفيد الاستماع إلى إجابات متخصص بالنشاطات البركانية والزلازل الأرضية وبكل ما يجري في جوف الكرة الأرضية من تفاعلات وتحركات، وهو اليش شبيتشاك من معهد الفيزياء الجيولوجية في أكاديمية العلوم التشيكية. إلى أي درجة كان انفجار البركان مفاجئا؟ إن حدوث أي انفجار في براكين آيسلندا لا يمثل مفاجأة، لأنه توجد هناك نشاطات بركانية كبيرة وبشكل استثنائي. ففي الجزء الجنوبي من الجزيرة حيث يوجد بركان ايجافجالاجوكول توجد ما بين خمسة إلى سبعة براكين قريبة من بعضها. إن الأمر المفاجئ هو تأثير ما يجري في آيسلندا على بقية أجزاء أوروبا، فليس من الأمور الاعتيادية أن يتم تشكل مثل هذه الغيوم الكبيرة، وان تتجه بهذا الشكل نحو بقية أجزاء القارة. إنني شخصيا لا أتذكر مثل هذا الأمر رغم أن البراكين في بعض مناطق العالم تخلق إشكالات لحركة النقل الجوي وآخر ما سجل في هذا الأمر كان في بركان بيناتوبو في الفلبين في عام 1991 حيث تم إلحاق الضرر بعشرين طائرة غير انه لحسن الحظ لم تتعرض أي منها للسقوط. لكن بركان ايجافجالاجوكول كان هادئا على مدى 200 عام خلت. إن 200 عام لا تمثل شيئا في التاريخ الجيولوجي، فبعض البراكين تكون نشطة باستمرار في بعض الفترات المحددة مثل بركان سترومبولي الواقع عند ايطاليا، أو بركان هيكلا في آيسلندا الواقع بالقرب من بركان ايجافجالاجوكول، أما البركان الأخير أي هيكلا فهو نشيط في اغلب الأحيان نسبيا، أما مرحلة الثورة أو التهيج فتحدث فيه كل خمسة أعوام وأحيانا تستغرق فترة النشاط البركاني له فترة طويلة قد تصل إلى عام أحيانا. أين تكمن استثنائية أو خصوصية الوضع الحالي للانفجار في هذا البركان؟ لقد صعدت إلى السطح خلال عملية النشاط التي حدثت للبركان كمية كبيرة من المواد المنصهرة وخرجت منها غازات تقذف بمواد مختلفة إلى الجو. إن المواد الثقيلة منها تسقط مباشرة في الوسط المحيط بالبركان في حين أن الأجزاء الأخف وزنا تشكل الغيوم، وبعد ذلك يتوقف الأمر على حركة الهواء في الجو وتحرك الجبهات الهوائية، وفي هذه الحالة كانت غير ايجابية ولهذا دفعت بهذه الغيوم نحو الغرب والشمال ووسط أوروبا. هل لعب وجود البركان تحت الجليد دورا في مجرى عملية الانفجار التي حصلت؟ نعم، في حال وصول الماء إلى المواد المنصهرة فان ذلك يزيد من انفجارها، وبعض الانفجارات القوية تم إرجاعها إلى حدوث تماس بين المواد المنصهرة المتدفقة نحو الأعلى وبين الماء الاحتياطي الكبير الموجود في جوف الأرض، وبالتالي فمن الممكن أن يساهم وجود البركان تحت الجليد في حدوث نشاط اكبر في البركان، غير أنني اعتقد ان السبب الرئيس يكمن في تدفق مواد كبيرة من عمق الأرض. ما هي التركيبة الكيماوية للمواد التي وصلت إلى الجو؟ إن الأجزاء التي وصلت هي عادة من الحمم البازلتية التي تحتوي على كميات كبيرة من اوكسيد السيليكون الغروي، غير أن المشكلة تكمن في إمكانية وصول غازات سامة إلى الغيوم الأمر الذي لم يجر تأكيده لحسن الحظ حتى الآن. هل يمكن التنبؤ بمثل هذه الأحداث؟ لقد توقع المختصون الجيولوجيون الآيسلنديون حدوث الانفجار قبل 14 يوما من وقوعه لأنهم لاحظوا صعود زلازل صغيرة من عمق يصل إلى نحو 10 كلم إلى السطح، ولهذا حضروا أنفسهم وتم في الوقت المناسب اتخاذ الإجراءات الضرورية ومن ضمنها ترحيل الناس من المنطقة وقد كانت عملية الترحيل هذه ضرورية لان ذوبان كمية كبيرة من الجليد الذي كان فوق البركان أدى إلى حدوث فيضان. هل يمكن التخمين إلى متى سيستمر نشاط هذا البركان؟ أخشى من أن ذلك لن يكون ممكنا، فقد كنت أتابع وضع هذا البركان يوما بعد آخر منذ 20 آذار مارس الماضي حين بدأ بالاستيقاظ، وخلال شهر نيسان تراجع عدد الزلزال وبدا وكأن الوضع داخل البركان يهدأ ثم حدث الانفجار على بعد عدة كيلومترات. وفي الحقيقة لا يوجد أي جهاز يستطيع التقدير فيما إذا كان النشاط البركاني هذا سيستمر لعدة أسابيع أو لعدة اشهر أو لعام مثلا كما حصل في بركان هيكلا القريب. أين يكمن الخطر؟ يكمن خطر البراكين بفعل الخراب الهائل الذي تؤدي إليه الانفجارات المتتابعة والمستمرة، التي تسبب انخفاض درجات الحرارة لعدة سنوات بفعل الحجم الكبير لمادة الكبريت والبازلت والحديد والمغنسيوم التي ستنتشر في الفضاء الكوني. البراكين في المنظومة الشمسية الأرض مقارنة بأخوتها الكواكب، ليست فيها براكين كبيرة، مثل تلك الموجودة على القمر والتي أدت إلى الرقع المظلمة، كما أن البراكين لعبت دورا رئيسيا في تشكيل سطح كوكب الزهرة قبل 500 مليون سنة وانفجاراته البركانية مستمرة وتدفق الرماد فيه يقترب من قمته وجناحه الشمالي. وفي المريخ براكين خامدة، أربعة منها درعية أكبر بكثير من براكين الأرض، وكانت منقرضة لملايين من السنين، حتى اكتشفت مركبة المريخ الفضائية الأوروبية أن لديها نشاطا، ربما حدث في الماضي القريب، فيما براكين المشتري الأكثر نشاطا وحُممها الأكثر حرارة في المنظومة الشمسية. وهناك اكتشافات لبراكين الثلج في نبتون عام 1989 وتم تصوير نافورات مجمدة في زحل عام 2005، ربما كوّنها النتروجين السائل أو مركبات الميثان. التداعيات على الشرق الاوسط استبعد البروفيسور برايان غولدنغ الخبير في هيئة الارصاد الجوية البريطانية اتجاه سحابة الرماد البركانية القادمة من ايسلندا نحو منطقة الشرق الاوسط وقال ان اتجاهها المرجح هو صوب شرق اوروبا وروسيا. واضاف انه لا توجد دلائل على حدوث تحسن ملموس في هذا الوضع في بريطانيا واوروبا الغربية، مشيرا الى انه تتم مراقبة الوضع عن كثب حاليا املا في ظهور اية احتمالات تسمح بتحليق الطائرات مجددا. واوضح غولدنغ الذي يترأس بحوث التوقعات بهيئة الارصاد الجوية البريطانية والاستاذ الزائر بجامعة بريستول ان تظل السحابة البركانية قائمة في بريطانية على مدى عدة ايام، مشيرا الى الحاجة الى تغير في اتجاه الريح يستمر بضعة ايام لكنه ليست هناك دلائل على حدوث ذلك في المستقبل القريب. واشار الى انه رغم ان الهيئة البريطانية عادة ما تعمل اربعا وعشرين ساعة على مدار سبعة ايام في الاسبوع لكنها وبسبب هذه الحالة الاستثنائية زادت من طاقم العمل بها ومن تتعاون معهم من العلماء وادوات الرصد والتوقع.