إنه عنوان لقصتي التي شاركت بها في مسابقة دلة البركة – بركة أمي, وهي مسابقة تقدمها مجموعة دلة البركة لكتابة قصة عن تضحية الأم لا تتجاوز ال 400 كلمة, لها لجنة تحكيم تتكون من الإعلامي تركي الدخيل والإعلامية منى أبو سليمان والداعية الدكتور علي المالكي. المسابقة مفتوحة للسعوديين والمقيمين في المملكة العربية السعودية, والقصص المشاركة حتى اليوم بعشرات الآلاف, وقد شاركت بقصتي إكراماً لوالدتي رحمها الله, وأتمنى أن يكون لها نصيب في الفوز. لمن يرغب في الإطلاع على القصة ودعمها بالإعجاب فهي على هذا الرابط, يتم البحث عنها بالإسم www.dallah.com/barakatommi/gallery.html وهذه هي القصة: كانت تعاني من الفشل الكلوي, وكانت تزور المستشفى ثلاث مرات في الأسبوع لعمل غسيل للكلى, مدة الجلسة الواحدة أربع ساعات تشعر فيها بألم تمنيت كثيراً أن أذوقه بدلا عنها, وعندما تعود إلى المنزل تكون متعبة لدرجة أنها يجب أن تنام فترة طويلة. وكنت أنا غائب مجبر على الغياب عشر سنين خلف أسوار السجن بحكم القدر, غائب بجسدي فقط أما قلبي وروحي فكانا معها. قلت لإخواني "خذوا كليتي الإثنتين فوالله الذي قرن رضاه برضاها ما أتردد في منحها لها". لكنهم أخبروني بأن الطبيب يقول حالتها الصحية لا تسمح بإجراء العملية ولن تحتمل التخدير, وكان الخبر صاعقاً بالنسبة لي فهو يعني الموت البطيء لأمي في الوقت الذي لا أستطيع أن أقدم لها سوى الدعوات الصادقة من أقصى نقطة في أعماقي.. وبعد ثلاث سنوات أصبحت غير قادرة على المشي بسبب هشاشة العظام. كل تلك المعاناة التي تعيشها لم تمنعها من التضحية براحتها من أجلي, فقد كانت تزورني باستمرار وهي على الكرسي المتحرك. قلت لها "أسألك بالله يا أمي أن لا ترهقي نفسك في المجيء إلي فذلك يزيد من أوجاعك ويؤلمني".. بالرغم من أنني لا أشعر بالحياة والسعادة إلا عندما أراها. قالت "يكون خيراً إن شاء الله". ثم أخبرت إخواني وأخواتي بأن يبذلوا جهدهم كي لا يسمحوا لها بذلك لما فيه من ألم ووجع لها. وقبل أن يكتمل الشهر .. إذا بها آتية لزيارتي. قلت لشقيقي الذي كان يرافقها "لماذا سمحتم لها"؟ قال "لم تتقبل منا مجرد النقاش في الأمر وقالت لنا إن كنتم تحبوني فلا تفتحوا معي هذا الموضوع ثانيةً". قلت لها "أماااه..". فقاطعتني قائلة "كيف أعيش بدون رؤياك يا ولدي؟ لن يمنعني عنك شيء حتى لو أحبو إليك على الأربع". لم أتمالك نفسي حينها ووقعت على قدميها أقبلهما ودموعي ترفض الاختباء رغم محاولتي إخفاءها عنها, وطلبت مني ألا أفكر مجرد التفكير في منعها. وبقينا على ذلك الحال .. حباً في رضاها. كانت تهاتفني باستمرار وكانت ترسل لي النقود والهدايا, وطلبت مني ألا أغسل ملابسي هناك بل أجمعها وأرسلها لها في البيت كي يقوموا بغسلها وتطييبها بالطيب, وكان ذلك ما حدث. وفي شهر رمضان كانت ترسل لي ما لذ وطاب من الأكلات الرمضانية المعروفة التي أطيل فيها النظر قبل أكلها .. لأنها من أمي. بعد تسع سنوات, وقبل خروجي بسنة, غابت عني على غير عادتها, سألتهم "أين هي"؟ قالوا "في العناية المركزة". سُمح لي بزيارتها .. وعند مشاهدتي لها .. كانت تغادر الحياة .. وانتقلت إلى جوار ربها. كتبت هذا حباً وتقديراً وامتناناً لها .. وبرّاً بها .. رحمك الله يا أمي رحمةً واسعة وأسكنك الفردوس. . بقلم أ. محمد طحنون صحيفة نجران نيوز الالكترونية