بعد زواجه بأربعة أشهر في جمهورية مصر, أتى إلى السعودية للعمل بوظيفة مساح ورسام هندسي لدى مؤسسة للمقاولات والصرف الصحي بنجران, وأثناء عمله في مشروع غرب إمارة نجران, نزل في إحدى غرف الصرف, وكانت مليئة بالغازات السامة, فقد وعيه داخل ذلك المكان الضيق وبقي فيه ما يقارب الأربعين دقيقة, بعدها حضر الدفاع المدني وقام بإخراجه وكتابة محضر بالحادثة ومن ثم إيصاله إلى مستشفى الملك خالد. كان ذلك بتاريخ 20 شعبان 1432 هجرية, ولا يزال بذلك المكان وعلى ذلك السرير حتى كتابة هذه الأحرف, قلبه حي وبقية اعضائة ميته, لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم ولا يشعر بشيء, ومصاب بعجز كامل نتيجة إصابته بتلف في خلايا المخ جراء تلك السموم والغازات التي تعرض لها, ويحتاج – كما هو مكتوب في التقرير المرفق – إلى رعاية تمريضية وعلاج تأهيلي وتدعيمي مدى الحياة, يرافقه في المستشفى إبن خاله طيلة هذه الفترة. أربع سنوات وهو خارج حدود الحياة بإستثناء قلبه فقط, ولا يعلم بحالته وحالة والديه وزوجته وإخوته المتواجدون في مصر سوى الله سبحانه. ورغم أنها تعتبر إعاقة عمل إلا أن المؤسسة ( تحتفظ نجران نيوز بإسمها ) قد تخلت عنه, وقد سجلت في التأمينات بأن راتبه الشهري 500 ريال فقط بينما راتبه الحقيقي 4000 ريال, مما تسبب له في تغطية متواضعة من قبل التأمينات الإجتماعية! خاله يعمل في منطقة جازان ويأتي إليه متى سمحت له ظروفه ويدفع له ما يستطيع, أما صاحب المؤسسة فلم يكلف نفسه بزيارته ولا مرة واحدة, إلا أن شقيق صاحب المؤسسة قد زاره بضع مرات! ورغم أنه مسّاح ورسام هندسي إلا أن مسمى وظيفته في الإقامه عامل شحن وتفريغ! حصل على تحويل للمستشفى السعودي الألماني في عسير قبل ما يزيد على السنة لكن المستشفى قد رد عليه بعدم توفرسرير له, وقد زاره القنصل المصري في المستشفى مرة واحدة على ما يبدو ولم يقدم له شيء! وحسب كلام إبن خاله المرافق له, زاره صحفي لإحدى الصحف المحلية المشهورة ( تحتفظ نجران نيوز بإسم الصحفي والصحيفة ) قبل عدة أشهر وقام بتصويره وأخذ تفاصيل كاملة عن الحالة ووعدهم خيرا, إلا أن ذلك الخير لم يخرج في حرف واحد عن حالته في صفحات تلك الجريدة! هاتفني بالأمس صديق لي ووصف لي الحالة, وذهبت اليوم لزيارته وكان منظره مؤلماً, جلست مع مرافقه وأخذت كافة التفاصيل, وسألته ما هو بالتحديد الذي تتمناه, قال لي, إيصال صوتي لأمير الإنسانية أمير نجران, فهو الوحيد بعد الله الذي يستطيع مساعدتنا, قلت له وما هي المساعدة التي تريدها, قال, أريد أخذه إلى بلده إلى مصر, إلى والديه وزوجته وإخوته, فقط لا غير, قلت له أعدك بإيصال صوتك لأمير الإنسانية ولن يتخلى عنكم أبدا .. وقول "يا رب". وأنا من هنا, من هذا المنبر, أناشد الأمير الإنسان صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة نجران أن يتكرم على هذا الإنسان العاجز الميت الحي, ويمد له يده الكريمة التي دائما ما يمدها لمن يحتاجه ويناديه.