عندما بدأت أكتب عن المعاناة التي يعيشها أطفال دريم النجراني.. أحسست بغصة في حروفي..وكلماتي اغرورقت بالدموع من هذه المعاناة الإنسانية الموغلة في الوجع.. وأصابتني الدهشة والحسرة على ما وصلت إليه بعض الجهات من سلبية وقلة دبرة وعناد في غير محله .. أطفال دريم يا سادة من أبناء هذه الأرض الطيبة قدر الله لهم هذا الابتلاء والمعاناة الطويلة مع المرض .. نسأل الله لهم الشفاء والعافية .. وبعد أن تعذر على مستشفياتنا معالجتهم لندرة المرض المصابين به..وتقطعت السبل بوالدهم .. لم يجد حينها بد من الرحيل بفلذات كبده إلى- مايو كلينك- في أمريكا تاركاً وظيفته وبيته وحياته..أنها الطفولة والعاطفة الأبوية الجياشة .. يغادر عيوننا النوم عندما يتعرض أطفالنا لوعكة صحية بسيطة .. وأطفال دريم يكابدون الألم من سنوات.. يقيم الأطفال في المستشفى الأمريكي من عدة سنوات .. ونحن ننعم بقرب أهالينا وذوينا وسلامة أطفالنا وقضاء إجازاتنا في العواصم العالمية.. وأما أطفال دريم فلهم الله -غرباء- يزفرون آهات وأنات الوجع .. هناك في آخر بلاد الله بحثا عن بارقة أمل في شفائهم من هذا المرض العضال.. ونحن هنا ننعم بالصحة والرخاء .. أطفال دريم في مواجهة أليمة وغير عادلة مع قلة الحيلة منذ أن تم إيقاف علاجهم على نفقة وزارة الصحة وبعد فصل والدهم من شركة ارامكوا.. وجمعياتنا الخيرية وهيئاتنا الإنسانية تستعرض بإنجازاتها في معالجة أبناء البلاد الأخرى..وأطفال دريم هناك ينشدون الأمل في حضرة الغربة والمرض..وقد ازدادت المعاناة قسوة ومرارة بعد أن قررت وزارة الصحة التوقف عن التكفل بعلاج الأطفال نتيجة ازدواجية الصرف من أكثر من جهة حكومية والذي يعد غير مقبول طبقاً للنظام..ولكن هل يستحق الأطفال الصغار أن يموتون بسبب جهل أو سوء تصرف وتقدير مرافقهم للأمور.. فإذا كان لدى الوزارة تحفظ معين بخصوص المرافق فقد كان الأجدر بهم إيقاف مصروفة هو دون المساس بمصروف علاج الأطفال..وعدم تركهم هكذا للجمعيات الخيرية الأمريكية تتلقفهم بالمساعدات..ونحن أهل الكرم والجود..أسطواتنا المشروخة التي لم تعد تطرب ولا تسقي ماء .. أطفال دريم "طعنة" في خاصرة إنسانيتنا التي وضعناها على "رف" الحياة من سنين خلت..وما نزال نتغنى بأننا فرسان كل زمان ومكان .. قصائدنا العصماء في تقديس المال تملأ شاشات الفضائيات .. وندفع عشرات الملايين لشراء بكرة عمانية ونستكثرها في مسح دمعة طفل.. ومعاركنا لنصرة حرية السب واللعن والعنصرية تأخذنا من بلد إلى آخر .. ومن لوبي في فنادق الدرجة الأولى إلى آخر..وأطفال دريم (المسلم) يعيشون على عطايا (الكفار) .. (ف) ياللعجب كيف تشوهت المعادلة بكل هذا القبح ..أننا في زمن الجهل وقد اختصرنا العطاء والكرم فينا بالهياط والفشخرة الكذابة ..نذبح القعدان وعشرات الخرفان (كرامةً) للشيخ فلان .. والشيخ فلان لا يسوى "بيزة" في خارطة الأعمال الإنسانية وبيل جيتس أغنى أغنياء العالم يتبرع بنصف ثروته للأعمال الخيرية دون الحاجة لإراقة دم القعدان والخرفان .. نقيم الاحتفالات والمسابقات الفاشلة والمقلدة بالملايين.. ونعجز عن مد يد العون للبسطاء بأدب وتواضع..وانجلينا جولي الممثلة الأمريكية تنحني خجلاً وألماً أمام بؤس المشردين والمقهورين في سوريا .. فهل أصبحت لدينا قيم الكرم والعون والفزعة إذا لم تجلب معها صيت وشهرة مضيعة للوقت .. نرتجي من الله في هذا الشهر الفضيل أن تصبح حكاية أطفال دريم على كل لسان ..عسى أن تزين في عيون صائدي الأضواء فتتحرك ضمائرهم .. نحن هنا ننعم بدفء الوطن وأمنه.. وأطفال دريم هناك ينامون على رصيف الضياع والمرض .. قصة أطفال دريم بحاجة إلى وقفة إنسانية صادقة.. ويحتاج الأمر إلى التفاته كريمة من امارة منطقة نجران .. بصفة أطفال دريم من أبناء المنطقة.. وسمو الأمير عراب الوقفات الإنسانية العميقة ولنا في مواقفه السابقة براهين وأدلة.. وكذلك يحتاج هؤلاء الأطفال إلى دعم صادق من رجال المال بنجران متمثلة في الغرفة التجارية.. يحركون بند "خدمة المجتمع" وهذه فرصة لا تفوت لتفعيل دورهم الاجتماعي..ويحتاجون أيضا إلى متابعة من الشئون الصحية بنجران مع أصحاب القرار في وزارة الصحة وبحث الموضوع والإلمام بحيثياته وبكل شفافية للخروج بحلول عاجلة ومرضية من هذا المأزق الإنساني مهما كانت الأسباب وراء إيقاف علاجهم سابقا..فليس من العدل أن يدفع الأطفال ضريبة عدم إبلاغ والدهم عن ازدواجية الصرف حسب ما أفادت به وزارة الصحة ..ولا أجد أي ضير في إظهار الخطوات أو المساعدات التي تمت في هذا الخصوص ..حكاية أطفال دريم إنسانية بحته .. وكل ما يقدم لهؤلاء الصغار هو حق من حقوقهم وليست مِنة من أحد! والله من وراء القصد .. . بقلم أ. يحيى بن محمد آل قريشة كاتب صحيفة نجران نيوز الالكترونية