جاءت حادثة تالا الشهري رحمة الله عليها .. وكم تمنينا أنها لم تأتي أبدا.. ولكنه قضاء الله وقدره .. جاءت استمرارا للحوادث المأساوية التي يمر بها المجتمع من حين إلى آخر .. وقد تطورت مؤخرا هذه الحوادث للوصول إلى الأطفال وهم في بطون أمهاتهم وحادثة طفل مستشفى نجران الأخيرة خير برهان على هذا التقدم العجيب .. جاءت هذه الحوادث لتذر الملح من جديد على جراحنا التنموية والاجتماعية والإنسانية.. جاءت ل) تعري ) من جديد مسلسل الإخفاقات المتواصل في أداءنا الإنساني والإداري .. ومهما حاولنا مرارا وتكرارا دس رؤوسنا في الرمل كالنعام .. وقمنا بالثناء على أداء هذه أو تلك الدائرة فكل ذلك من واجب رفع الهمة والتشجيع وبث الأمل في شرايين تلك الدوائر المسدودة والمتصلبة من عشرات السنين .. خصوصا عندما عايشنا ولاحظنا التعاطي الايجابي في السنوات الأخيرة والرغبة لدى قلة من المسئولين في التغيير للأفضل .. (ف) نقول في قرارة أنفسنا يجب أن نفتح نوافذ الأمل ونستبدل نظارتنا السوداء بأخرى أكثر تفاؤل وبشاشة ولبسنا لهم نظارة (فيصل الكاف) البيضاء لعل وعسى .. ولكن تمر علينا أوقات كثيرة نبحث عن لعل وعسى هذه بالمناقيش ولا نجد لها أثر ! جاءت حادثة تالا لتذكرنا بأنه لن ينجح أحد في مدرسة التنمية المستدامة بدون أنظمة وتشريعات وميزات تكفل للفرد العيشة الكريمة مصحوبة بالأمان على جميع المستويات الحياتية والمهنية والتعليمية والصحية .. ولا يمكن لأي مجتمع أن ينجح في مدرسة التحضر والتقدم الذي نشفت ريش أقلامنا تنشده بدون الفرد .. وما أدراك ما الفرد .. الرقم الصعب في نهضة الأمم والشعوب ! تأتي هذه الحوادث ونحن ما نزال نتخبط بنهجنا الحياتي والإنساني القديم قدم جبال السراة .. (ف)نحن مجتمعات تعيش في جلباب القبيلة ودساتيرها البالية ولا تود الخروج منها ليس لأيمانها بقدرة تلك الدساتير على الاستمرار في مواجهة هذا المد الحضاري القادم من كل صوب .. ولكنه الخوف من التغيير .. تنهشنا المجاملات الكذابة .. والعنتريات المتحجرة .. وصلنا للألفية الثانية وسوف تصل أجيالنا إلى ماهو أبعد من الألفية الثالثة وهم يبحثون عن أنفسهم وأحلامهم في المأكل والمشرب والملبس في ظل غياب تام للفكر بجميع أشكاله .. بينما العالم من حولنا ينطلقون كالصاروخ نحو أفاق أرحب من الازدهار في الفكر الإنساني والمعرفي والتكنولوجي .. وجل ما يملكونه عقولهم النيرة وشورت وكاب ! جاءت حادثة تالا (ل) تقول لنا وبالفم المليان بأننا أخفقنا في إدارة علاقتنا مع من يعملون معنا .. أخفقنا في إدارة علاقاتنا فيما بيننا..الحياة تشهد حراك وتغييرات كبيرة في شتى المجالات .. ونحن يا ربعك ذهب العمر سدى في صراعات ونزاعات وتفاصيل صغيرة وتافهة بين الأخ وأخيه والابن وأبيه وأبناء العائلة الواحدة والمجتمع الواحد .. وأجزم لو أننا قمنا باحتساب الأيام والليالي التي ضاعت في برامج السب والافتراءات الفضائية أو في (البرزات) و(المناصد) والمجاملات الاجتماعية .. والتنقيب عن الواسطات وحب الخشوم .. فأنها سوف تعادل عمر أجيال بأكملها ! مخرج .. الحقيقة المرة الحاضرة دائما .. هي أننا أخفقنا كثيرا في أساسيات التعبير عن أنفسنا وعن مشاعرنا .. أخفقنا في التلذذ بأفراحنا وبهجتنا .. أخفقنا حتى في ممارسة أحزاننا والشعور بها .. أعيادنا فوضى .. ومناسباتنا فرصة للهياط والمظاهر الكذابة .. نحمل أنفسنا مالا طاقة لها به من باب تقليد الآخرين .. ونربي أطفالنا على مزاج (أبونا) ونتمنى لهم مستقبل أفضل .. ولا أدري كيف يمكن أن يصبحون أفضل منا في حين أننا لم نقدم لهم شي مختلف عن ما قدمه لنا أجدادهم! كاتب صحيفة نجران نيوز الالكترونية Alqresha.y @hotmail.com