تشكو شريحة كبيرة جدا من مجتمعنا السعودي من مرض السكري وارتفاع نسبة السكر في الدم وتتخوف من عواقب ذلك المرض، ومن ذلك الارتفاع المزمن في سكر الدم لما عرف عن ارتباطهما الوثيق بمضاعفات السكري المختلفة كتأثيره على العين والقلب والشرايين والأعصاب والكلى وغير ذلك من العواقب المعروفة. وقد يخفى عن الكثير ويجهل البعض ما لنقص السكر في الدم من آثار سلبية قد تفوق في خطورتها وحدتها زيادة مستوى السكر في الدم، بل إن لنقص السكر الحاد والسريع انعكاسات وخيمة على الجهاز العصبي خاصة عند الأطفال وكبار السن. وقد تؤدي إلى إعاقات عصبية مزمنة. ويعرف نقص السكر في الدم بانخفاض مستواه عن أربعين ملجرام في الديسليتر مما يؤدي إلى التأثير السلبي على الجهاز العصبي نتيجة نقص الجلوكوز الذي يعتبر الوقود الأساسي لخلايا المخ الذي لا تستطيع خلاياه تخزين الجلوكوز كما هو الحال في العضلات والخلايا الدهنية التي تستطيع تخزين الجلوكوز لفترات طويلة فيؤدي ذلك إلى الغيبوبة المفاجئة والتشنج العضلي. وتختلف الأعراض الناجمة عن انخفاض السكر من شخص لآخر. وقد تكون هذه الأعراض أقل ظهوراً عند الأطفال، وبالتالي لا يتنبه الطفل أو القائمون على رعايته لهذه الأعراض ويفاجأ الجميع بحدوث الغيبوبة أو التشنج دون علامات تحذيرية مسبقة، لذا يكون نقص السكر عند الأطفال أكثر خطورة منه عند الكبار والبالغين الذين يستطيعون التعبير عما يشعرون به. ومن الأعراض الناجمة عن نقص السكر تلك التي تكون بسبب تأثير نقص السكر على الجهاز العصبي كالإحساس بالجوع ورعشة العضلات والعرق الغزير والإحساس بما يشبه وخز الإبر وخفقان القلب والصداع أحياناً. وإذا لم يعالج انخفاض السكر فإنه يؤدي إلى نقص السكر في الدماغ وأعراضه أكثر حدة وشدة كازدواج الرؤية وصعوبة التركيز وثقل اللسان وصعوبة الكلام والتهيج والصرع وقد يؤدي إلى الشلل. أسباب انخفاض السكر: تتعدد أسباب نقص السكر في الأطفال وعند البالغين وكبار السن، وهناك أسباب وراثية لهذه المشكلة الصحية ومن هذه الأسباب زيادة إفراز الأنسولين من البنكرياس الذي يعتبر السبب الوراثي الأكثر تأثيراً في انخفاض مستوى السكر في الدم ويكون عادة بسبب خلل في مستقبلات السلفونايل التي تلعب دوراً هاماً في إفراز الأنسولين أو قد يكون الخلل في أحد الإنزيمات التي تتحكم في إنتاج الأنسولين. ويشكو عدد كبير من الأطفال من هذه المشكلة في منطقتنا العربية نتيجة لزواج الأقارب وتبلغ نسبة الأطفال المصابين بهذا المرض حوالي مريض لكل 2500 طفل في المملكة وهي نسبة عالية جداً إذا ما قورنت بنسبة الإصابة بهذا المرض في الدول الأوروبية مثلاً، حيث تبلغ نسبة الإصابة طفل واحد لكل 50000 طفل. ومن الأسباب الوراثية لنقص السكر في الدم والتي تكثر نسبياً في مجتمعنا هو الخلل في تفاعلات الأحماض الدهنية ولا تتقصر هذه الحالات على تأثيرها على السكر بل قد تؤدي إلى ضعف في عضلة القلب والعضلات الأخرى وزيادة الحموضة في الدم. ومن أمراض الكبد الوراثية التي تصيب الأطفال وتؤثر على تخزين السكر في الكبد هي الأمراض التي تؤثر على إنزيمات تفاعلات الجلوكاجون وهو السكر المخزن في الكبد وهناك أكثر من 12 إنزيما في الكبد يعمل على تحويل مخزون السكر إلى سكر بسيط يمكن للجسم استخدامه كمصدر للطاقة ويشكو هؤلاء الأطفال من انخفاض السكر بنسب متفاوتة وتضخم في الكبد وألم في العضلات وغير ذلك من الأعراض التي تظهر في بعض الأمراض التي تؤثر على وظائف الكبد وهناك بعض الأمراض التي تؤثر على تفاعلات سكر الفركتوز والجالاكتوز التي تسبب نقص السكر من ناحية وتؤثر على أعضاء الجسم من ناحية أخرى كالعين والكبد. وتشكل نقص الهرمونات أحد أسباب نقص مستوى السكر في الدم مثل نقص هرمون النمو وهرمون الكورتيزون وهناك أيضا أسباب وراثية لذلك ويشكو العديد من الأطفال من نقص الهرمونات كسبب لنقص السكر في الدم. وبالرغم من أن الأسباب الوراثية السابقة ممكنة الحدوث إلا أن حالات نقص السكر في مرضى السكري بسبب خطأ مقصود أو غير مقصود في جرعة الأنسولين تشكل النسبة الأكبر من أسباب نقص السكر في الدم. وأيضا عند تأخير أو عدم تناول وجبات الطعام بعد أخذ جرعة الأنسولين أو عند ممارسة الرياضة البدنية الشديدة قد تكون أحد أسباب انخفاض السكر. وقد تحدث حالات انخفاض في السكر في مرضى السكري عند إصابة المريض بمرض حاد في المعدة يؤدي التقيء المستمر أو عند حصول التهاب أو خمج ما. الأعراض والعلامات السريرية لانخفاض السكر وهي نوعان نوع يمكن مشاهدته على كافة المرضى ونوع تظهر على بعض المرضى وهي كما يلي: (أ) أعراض أدرينالينية تلقائية: العرق، الرعشة، القلق، الخفقان، الجوع، الشحوب، التنميل في الفم والأصابع، القيء. (ب) الأعراض العصبية: وجع في الرأس، زغللة البصر، ضعف الذاكرة، التشنجات - خاصة في الأطفال- الغيبوبة. (ج)- أعراض أخرى لانخفاض سكر الدم: - تغيير السلوك فيصبح الشخص الهادئ كثير الحركة سريع الغضب أي يصبح وكأن له شخصيتين متناقضتين وقد تشخص وكأنها حالة نفسية. - نوبات غشيء مفاجئ. - صداع ودوخة في الصباح الباكر وتختفي بعد الإفطار. - عدم استقرار واضطراب شديد قبل الإفطار ثم يعود إلى المزاج العادي في فترة الضحى. - العرق المفرط والكوابيس أثناء النوم ً. - المشي في الليل للبحث عن الطعام، وقد ينتقل من مكان إلى آخر دون أن علم أو وعي بذلك. - الشلل النصفي العابر أو الضعف العضلي والذي يختفي بعد دقائق من تعاطي الجلوكوز. - البكم العابر أو شلل الأعصاب المخية. - الشعور بآلام الذبحة الصدرية على الرغم من سلامة الشرايين التاجية. وتشخيص نقصان السكر سهل في حالة وجود الأعراض النموذجية، ولكن يجب الحرص الشديد في حالة الإغماء أو التشنجات حيث قد يختلط الأمر مع الإغماء الناجم عن الحماض الكيتوني أو زيادة أسمولية الدم. علاج نقصان سكر الدم: لعل أهم أسباب نقص السكر ليس وراثيا، ولكن بسبب أخذ جرعة زائدة من الأنسولين، لذا فإن العلاج يكون بإعطاء المريض قطعة سكر بالفم أو عصير محلى، ولذا ينصح جميع المرضى المستخدمين للأنسولين بحمل قطع من السكر أو الحلاوة أو أقراص دكستروز أو حقن جلوكاجون توضع في الثلاجة في منزل المريض. أما إذا دخل المريض في غيبوبة نقص السكر فيجب إعطاؤه الجلوكوز عن طريق الوريد إن أمكن في المستشفى او إعطاؤه إبرة الجلوجاكون في العضل وسوف يفيق المريض سريعاً مع أول حقنة أما إذا لم يستجب فيُعطى له حقنة أخرى.