عندما يتبادل الجيش الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الهجمات في العالم الافتراضي أو عندما تظهر جماعات اختراق مثل انونيموس في الأثير الرقمي أو عندما تنبش ويكيليكس الوثائق السرية يتحدث البعض عن إنترنت يغيب عنه القانون. لكن ماثيو برينس الرئيس التنفيذي لشركة كلاودفلير يرى في كل هذا فرص عمل. كلاودفلير شركة انترنت وليدة وغير معروفة تخدم أكثر الشخصيات إثارة للجدل في الفضاء الالكتروني. وتأسست الشركة في عام 2010 وتسوق نفسها على أنها شركة وساطة الكترونية تحمي المواقع من الهجوم عليها بسلاح فتاك هو التكالب على زيارتها بشكل جماعي في نفس الوقت مما يعطلها ويوقفها عن العمل. وتقول الشركة التي لا يعمل بها سوى 40 فردا فقط إنها تتحكم في ما يصل إلى خمسة في المئة من كل حركة الانترنت عبر شبكتها الدولية. ويصف برينس شركته بأنها سويسرا الفضاء الالكتروني أي أنها محايدة ومنفتحة على كل الوافدين. وواجهت شركات مثل تويتر ويوتيوب وفيسبوك تساؤلات بشأن تحقيق التوازن بين حرية التعبير والانفتاح على الانترنت من ناحية والامن القومي ومخاوف إنفاذ القانون من ناحية أخرى. وتطرح كلاودفلير تساؤلا شائكا آخر بشأن الخدمات التي يسمح لشركة أمريكية أن تقدمها لمن يصنفون على أنهم إرهابيون أو مجرمون في الفضاء الالكتروني وما إذا كان يحق لها أصلا أن تقدم مثل هذه الخدمات. وتصدر موقف كلاودفلير غير المعتاد في قلب هذا الجدل المشهد الشهر الماضي عندما طلبت وزارة الدفاع الإسرائيلية مساعدة الشركة بعدما تعرض موقعها الالكتروني لهجوم من غزة. وبذلك تكون القوات الإسرائيلية قد قصدت نفس الشركة التي تقدم هذه الخدمات لحماس ولسرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي. وتصف الولاياتالمتحدة حماس وسرايا القدس بأنهما منظمتان إرهابيتان. وبموجب قانون المواطنة الأمريكي يحظر على الشركات الأمريكية تقديم "الدعم المادي" لجماعات تصنف على أنها منظمات "إرهابية" إلا أن ماهية هذا الدعم المادي تبقى مثار جدل محتدم. وقوبلت تعاملات كلاودفلير بانتقادات شديدة اللهجة في عالم المدونات من إسرائيليين وفلسطينيين على حد السواء لكن برينس دافع عن شركته ووصفها بأنها بطلة حرية التعبير. وقال برينس المحامي السابق البالغ من العمر 38 عاما "للجانبين الحق المطلق في سرد القصة كما يرونها.. لا نقدم دعما ماديا لأحد. لا نرسل أموالا ولا نساعد الناس على تسليح نفسها." وأشار برينس إلى أن ما تفعله شركته هو أنها توفر قدرات دفاعية تمكن المواقع من البقاء على الانترنت. وأضاف "لا يمكن أن نحصر في دور نقرر فيه ما هو جيد وما هو سيء وفقا لانحيازاتنا الشخصية.. هذا منحدر وعر." والعديد من الوكالات الأمريكية عملاء لدى كلاودفلير وكذلك موقع ويكيليكس الذي يكشف الوثائق السرية. وقدمت الشركة استشارات للعديد من المؤسسات في وول ستريت على الرغم من أنها تحمي في الوقت نفسه مجموعة أنونيموس لاختراق المواقع الالكترونية والتي ربطتها صلات بحركة احتلوا وول ستريت. وكان موقف برينس وشركته موضع اختبار عندما ضغط بعض أعضاء الكونجرس الامريكي والنواب الأوروبيون على شركات الانترنت لمراقبة محتوى المواقع أو الاستغناء عن عملاء. ودافع هؤلاء عن موقفهم بأدلة على اعتماد جماعات متشددة على الانترنت للقيام بعمليات خطيرة وتجنيد أعضاء. وكانت جماعات ضغط سياسي محافظة بقيادة أعضاء في الكونجرس الأمريكي مثل الجمهوري تيد بو حثت الشهر الماضي مكتب التحقيقات الاتحادي على إغلاق حساب حماس على موقع تويتر لكن الحساب ما زال نشطا وأحجم تويتر عن التعليق على الأمر. وعلى الرغم من أن الحكومة الأمريكية لم تحاكم أي شركة للانترنت بموجب قانون المواطنة فإن استخدامها لسند الدعم المادي زاد منذ عام 2006 . فمنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول عام 2001 رفعت أكثر من 260 دعوى قضائية بمقتضى هذا البند وفقا لقاعدة بيانات خاصة بالارهاب في كلية الحقوق بجامعة فوردهام. وقالت كاثرين لوتريونت مديرة معهد القانون والعلم والأمن الدولي في جامعة جورجتاون والمحامية السابقة في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إنه يجب تنظيم شركات الانترنت بشكل أكبر. وأضافت "الدعم المادي يشمل خدمات الانترنت. حرمانهم من الخدمات يجعل الأمر أكثر تكلفة على الإرهابيين. إنكم بهذا تحاصرونهم." لكن آخرين حذروا من أن اتخاذ الحكومة نهجا قويا سيكون له تأثير مخيف على حرية التعبير. وقالت كلاودفلير إن الحكومة الأمريكية لم تتصل بها بشأن خدماتها. وقال متحدثون باسم حماس وحركة الجهاد الإسلامي لرويترز إنهم تعاقدوا مع شركة للأمن الالكتروني في غزة تسند الأعمال لشركات أجنبية لكنهم لم يقدموا تفاصيل أخرى. وأكدت وزارة الدفاع الإسرائيلية تعاملها مع كلاودفلير لكنها أحجمت عن مناقشة أمور "أمنية داخلية." وتقدم كلاودفلير العديد من خدماتها بالمجان لكن الشركة تقول إن هناك العديد من الشركات تسعى لبرامج حماية متقدمة وإن فواتير تلك الشركات قد ترتفع إلى أكثر من ثلاثة آلاف دولار في الشهر. وأحجم برينس عن مناقشة ترتيبات خاصة بالعمل مع عملاء محددين. وقال برينس إن كلاودفلير ستنصاع لأي أمر قضائي نافذ بوقف العمل مع عميل لكن مكتب التحقيقات الاتحادي لم يطلب ذلك قط. وأضاف أن الشركة وافقت على تقديم معلومات للحكومة في مناسبات "نادرة للغاية" دون أن يقدم تفاصيل. ولم تعلق جوليان سون وهي متحدثة باسم مكتب التحقيقات الاتحادي على الأمر. وقال مايكل سوسمان وهو محامي سابق في وزارة العدل الأمريكية ترافع في جرائم الكترونية إن وكالات إنفاذ القانون في الولاياتالمتحدة قد تفضل في الحقيقة أن يبقى أهم المطلوبين الأمنيين عملاء لدى كلاودفلير بدلا من أن يقصدوا شركة أجنبية لا يكون لهم سلطة قضائية عليها. وأضاف أن المحققين الاتحاديين الأمريكيين "يريدون جمع المعلومات من أكبر عدد ممكن من المصادر وهم سعداء بالحصول عليها." وفي عصر الحروب الالكترونية الشعواء يقر برينس بأنه ثري حرب لكنه يقول "لا نبيع الرصاص.. نبيع سترات الوقاية."