تفاوتت ردود الفعل حول قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الإماراتي الجديد، الذي حدد عقوبات لعدة ممارسات على مواقع الانترنت، في مقدمتها ما يتعلق بالمس بهيبة الدولة أو كبار المسؤولين أو الدعوة لمظاهرات و"العمل لتغيير نظام الحكم." وعلق الأكاديمي عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية بقسم العلوم السياسية بجامعة الإمارات، بالقول إن "الفضاء الإلكتروني كان بحاجة للتنظيم، وخاصة التعليقات على موقع تويتر،" والتي اعتبر أن الفوضى كانت تشوبها، وأوجب ذلك على الحكومة التدخل. وقال عبدالله: "لطالما كان تويتر مجالا حراً وجيداً للناس كي تقول كل ما تشاء، وكان ذلك رائعاً طوال الأشهر ال18 الماضية، لقد تجاوز البعض الحدود، ولكنه كان مجالا عاماً تسوده الحرية، غير أن ذلك لن يستمر مع صدور القانون الجديد، فهناك بعض الخطوط الحمراء والزرقاء والصفراء، ولكن ما زال هنالك الكثير من الخطوط الخضراء أيضا." وأشار عبدالله إلى وجود من "أساء استخدام" مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال الإساءات الشخصية والإضرار بسمعة بعض الأشخاص واتهام بعضهم الآخر بالخيانة، ولكن اعتبر أنه كان من الواجب أن يمر القانون عبر "القنوات المعتادة" من خلال المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان). وأكد عبدالله، من جهته نيته مواصلة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي ينشط عبرها بشكل كبير، قائلاً إن المهتمين بحقوق التعبير في الإمارات "لن يسرهم رؤية ما يقيّد الفضاء العام،" وشدد بالمقابل على أن شعب الإمارات يثق بحكومته، وهو متأكد من معرفتها لما تفعله. أما المحامية ديانا حمادة فقالت إن لدولة الإمارات "حق مشروع" في وضع القوانين التي تناسبها، خاصة وأن شبكة الانترنت "ليست مصدراً موثوقا للمعلومات." ورأت حمادة أنه من حق المشرع وضع صيغ قانونية تجّرم ألفاظ السب والشتم الموجهة ضد المسؤولين الكبار، معتبرة أن الأمر يسري أيضاً على الصحافة المكتوبة باعتبار أن الوسيلتين بمتناول الجميع. وصدر الأثنين، القانون بمرسوم عن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وقالت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إنه "يوفر الحماية القانونية لخصوصية ما يتم نشره وتداوله على الشبكة المعلوماتية من معلومات وبيانات وأرقام تتعلق بالبطاقات الائتمانية." كما يجرّم كل من أنشأ أو أدار موقعا الكترونيا أو أشرف عليه أو بث أو أرسل أو نشر أو أعاد نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية مواد إباحية أو أنشطة للقمار وتجارة المخدرات وكل ما من شانه المساس بالآداب العامة.
وكذلك تضمن المرسوم بقانون معاقبة كل من اعتمد الطرق السابقة بقصد الاتجار في البشر أو روّج لبرامج أو أفكار من شانها إثارة الفتنة أو الكراهية أو الإخلال بالنظام العام أو لتسهيل تواصل جماعات إرهابية أو غير مشروعة أو تصنيع الأجهزة الحارقة أو المتفجرات أو الترويج لجمع التبرعات بدون ترخيص. وتضمن كذلك نصا يعاقب بالسجن كل من استعمل الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات بقصد "السخرية أو الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة أو أي من مؤسساتها أو رئيسها أو نائبه أو حكام الإمارات أو أولياء عهودهم أو نواب الحكام أو علم الدولة أو السلام الوطني أو شعارها أو نشيدها الوطني أو رموزها." ويعاقب بالسجن أيضاً من استغل الانترنت من أجل الدعوة إلى "قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة أو الاستيلاء عليه أو إلى تعطيل أحكام الدستور" أو "عدم الانقياد إلى القوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة،" إلى جانب من شارك في "التخطيط أو التنظيم أو الترويج أو الدعوة لمظاهرات أو مسيرات.
ويعاقب بالسجن كل من قدم إلى أي منظمة أو مؤسسة أو كيان آخر "معلومات غير صحيحة أو غير دقيقة أو مضللة وكان من شانها الإضرار بمصالح الدولة او الإساءة إلى سمعتها أو هيبتها أو مكانتها وذلك باستخدام الشبكة المعلوماتية" ويعاقب بالحبس أي مالك أو مشغل لموقع الكتروني لم يبادر إلى إزالة أو منع الدخول إلى المحتوى غير القانوني خلال المهلة المحددة بالإشعار الخطي الموجه له من الجهات المختصة. وكانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي تعنى بالقضايا الحقوقية في المنطقة قد أصدرت بيانا أعربت فيه عن "بالغ قلقها" حيال القانون الجديد، وقالت إن فيه بعض المواد التي تكفل حماية المعلومات المالية، إلا أن القانون في ذات الوقت "يتضمن الكثير من المواد السالبة لحرية الرأي والتعبير." واتهمت الشبكة السلطات الإماراتية بأنها تقوم عبر هذا القانون ب"إيجاد مبرر لحملة الاعتقالات الشرسة التي طالت العديد من النشطاء والحقوقيين المطالبين بالحريات" على حد تعبيرها، وقالت إن مواد هذا القانون "فضفاضة جداً،" وهو "قد يبدو في ظاهره يحمي الخصوصية والحريات، وهو في الحقيقة قانون سالب لكل الحريات" وفق البيان.