ذات صباحٍ باردٍ استدعيت من ذاكرتي كلمةً متأجّجةً,ثم نفختها في فقاعة صابون أرسلتها نحو الشمس,اصطدمت الفقاعة بطائر كان يحلق ضمن سربٍ مهاجر,وعلى إثر الاصطدام تمرد الطائر على قائد السرب ,ثم عاد راجعا إلى وطن يستعمره الصقيع. وفي شاهق تعلو قمته السحاب وقع الطائر على شجرة تعيش في القمة,سألها الطائر: إن طبيعة القمم قاسية والعيش فيها عسير؛ فلمَ آثرتي الحياة فيها على حياة السهول والوديان حيث نعومة التربة ووفرة المياه؟. الشجرة: عندما فلقت جلاميد الصخر بجذري,وعانقت بأغصاني السحاب؛صُنت عن الحاطبين عودي,وعزّ ظلي عن مقيل الكلاب. الطائر: فماذا تعني لكِ القمّة؟ الشجرة: القمة هي يدٌ للأرض تمدها نحو السماء,ومن يسكنها تتعاظم فرصته في مصافحة النجوم. الطائر: هنيئاً لكِ مجاورة السحاب. الشجرة: أخبرني أليس هذا هو موسم هجرتكم إلى الساحل حيث الدفء وغزارة الأمطار؟ الطائر: بلى هو ذلك. الشجرة: فما بالك ما تزال هنا؟ الطائر: قد كنت مهاجراً إلى حيث تنساب الحياة ويطيب العيش,ولكن في أثناء هجرتي طرقني شعور غريب حرّك فيني رغبة العودة إلى الوطن. الشجرة: لكن هجرتك المعاكسة لما جُبلت عليه الأمم من حب النعيم ستكلفك الكثير من الطاقة؛لأنها تتطلب بذل المزيد من الجهد لمواجهة الغربة وشظف العيش. الطائر: أعلم ذلك ولكن الشعور الذي أعادني قد عزّز ثقتي بنفسي, ومنحني قوة ستعينني على التكيف مع قسوة الظروف. الشجرة: فماذا تعني لك القمة؟ الطائر: القمة هي جزيرة الخلود,وملاذٌ يعصمني من طوفان الاندثار. الشجرة: وما طريقها؟ الطائر: التحدي. كاتب صحيفة نجران نيوز الالكترونية