بعد إن رسمت أكثر من علامات استفهام حول قدرتهما على الانتهاء من أعمال الإنشاءات والاستضافة في الموعد المحدد، ستكون كل من بولندا وأوكرانيا على أهبة الاستعداد لاستضافة كأس أوروبا لكرة القدم 2012 للمرة الأولى في شرق القارة الأوروبية، عندما تنطلق الشرارة الأولى اليوم الجمعة على الملعب الوطني في وارسو بلقاء بولندا واليونان. وكان الشك حام طويلا حول إمكانية نقل البطولة الى دولة أخرى (اسبانيا أو المانيا) ؛ بسبب التأخير الحاصل في أعمال بناء الملاعب الجديدة خصوصا في أوكرانيا، لكن الدولتين اللتين لم يسبق لهما إن استضافتا أي حدث كبير كانتا على الموعد وقد لخص رئيس الاتحاد الأوروبي ميشال بلاتيني هذا الأمر بقوله بان النسخة الحالية من البطولة القارية ستكون علامة مضيئة. وتعرض الاتحاد الأوروبي ورئيسه بلاتيني لانتقادات عنيفة عندما منحت بولندا وأوكرانيا شرف الاستضافة قبل خمس سنوات وذلك؛ لعدم امتلاكهما الخبرة الكافية على هذا الصعيد، وعدم وجود البنى التحتية اللازمة، ونظرا للفترة الزمنية القصيرة أمامهما خصوصا إنهما ليسا من الدول الغنية، لكنهما كسبتا التحدي في النهاية ليتنفس المسؤولون في الاتحاد الأوروبي الصعداء. وتقام المباريات في أربع مدن بولندية هي: (وارسو، وغدانسك، وفروكلاف، وبوزنان)، وبلغ ما أنفقته هذه الدولة على أعمال الصيانة وبناء ملاعب جديدة وتحسين البنى التحتية حوالي 30 مليار دولار. في المقابل تستضيف أربع مدن أوكرانية أيضا المنافسات وهي: (كييف، ودانييتسك، ولفيف، وخاركيف). وستكون النسخة الحالية الأخيرة التي تضم 16 منتخبا بعد أن ارتأى الاتحاد الأوروبي رفع العدد الى 24 منتخبا اعتبارا من البطولة القادمة في فرنسا عام 2016. وتدخل منتخبات اسبانيا و المانيا وهولندا نهائيات كأس أوروبا وهي مرشحة للفوز باللقب نظرا الى النتائج التي حققتها في الأعوام الأخيرة والى النجوم التي تضمها في صفوفها. لكن المفاجآت أيضا قد تطل برأسها أيضا، وفوز الدنمارك باللقب عام 1992. بعد دعوتها في اللحظة الأخيرة بدلا من يوغوسلافيا، أو اليونان بطل نسخة عام 2004 لا يزال عالقا في الأذهان. وسيكون المنتخب الاسباني على رأس لائحة المرشحين للفوز باللقب كونه حامل اللقب وبطل مونديال جنوب أفريقيا 2010، ورغم فشل أي من العملاقين ريال مدريد وبرشلونة في الوصول الى نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا هذا الموسم فان هذا الأمر لن يؤثر على معنويات "لا فوريا روخا" الساعي لان يكون أول منتخب يتوج بثلاثية كأس أوروبا-مونديال-كأس أوروبا على التوالي. ويبدأ المنتخب الاسباني حملته وهو يبحث عن انجاز تاريخي جديد يضيفه الى ذلك الذي سطره في تموز/يوليو الماضي عندما أضاف لقب بطل العالم الى اللقب القاري وهو يدخل بقيادة مدربه الفذ فيسنتي دل بوسكي وترسانة نجومه الرائعين الى النهائيات وهو مرشح لرفع الكأس القارية للمرة الثالثة في تاريخه. ويبحث دل بوسكي عن منح بلده انجازا لم يحققه أي منتخب في السابق وهو الاحتفاظ باللقب القاري، وقد أصبحت الانجازات متلازمة المسار مع "لا فوريا روخا" الذي تصدر تصنيف الفيفا لأول مرة في تاريخه عام 2008 ثم عادل الرقم القياسي من حيث عدد المباريات المتتالية دون هزيمة (35)، بينها 15 انتصارا على التوالي (رقم قياسي). كما أصبحت اسبانيا أول منتخب يتوج بلقب كأس العالم بعد خسارته المباراة الأولى في النهائيات، ونجح الرجل الهادىء دل بوسكي الذي يعمل تحت الرادار ودون الضجة الإعلامية التي تحيط بالمدربين الآخرين، في أن يجعل منتخب بلاده ثاني بلد فقط يتوج باللقب الأوروبي ثم يضيفه إليه اللقب العالمي بعد عامين، وكان سبقه الى ذلك منتخب المانياالغربية (كأس أوروبا 1972 وكأس العالم 1974). وسيكون بإمكان دل بوسكي أن يعول على جميع النجوم الذين قادوا المنتخب الى لقبه العالمي الأول، باستثناء قائد برشلونة كارليس بويول الذي خضع لعملية جراحية في ركبته ستبعده عن النهائيات، بالإضافة الى زميله في النادي الكاتالوني دافيد فيا هداف النسخة الأخيرة تعام 2008. أما بالنسبة لألمانيا، فهي تعتبر دائما من المنتخبات المرشحة في جميع البطولات التي تشارك فيها حتى وان كانت تعاني من غياب الأسماء الكبيرة أو لتقدمهم بالعمر، فكيف الحال إذا كانت تضم في صفوفها لاعبين رائعين فرضوا أنفسهم بقوة على الساحة الأوروبية مثل توماس مولر ومسعود اوزيل وباستيان شفاينشتايغر وماريو غوميز وتوني كروس وماريو غوتسه. من المؤكد أن ال"مانشافت" سيسعى جاهدا لكي يعوض خيبة كأس أوروبا 2008 حين خسر في النهائي أمام اسبانيا ثم خرج على يد المنتخب ذاته في نصف مونديال جنوب أفريقيا 2010. وستكون الأنظار موجهة الى المدرب يواكيم لوف الذي تنتظره مهمة اختيار اللاعبين القادرين على منح بلادهم لقبها الرابع في البطولة القارية. ومن جهته، يعول المنتخب الهولندي الذي خسر نهائي مونديال جنوب أفريقيا 2010، مجددا على أسلوبه الهجومي ومن المؤكد أن مدربه بيرت فان مارفيك سيكون شخصا سعيدا للغاية لأنه يملك لاعبين مثل مهاجم ارسنال روبن فان بيرسي الذي توج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الانكليزي وأفضل هداف، ومهاجم شالكه يان كلاس هونتيلار الذي توج هدافا للدوري الألماني. لكن من المتوقع إن يلتزم فان مارفيك بخطة اللعب بتشكيلة 4-2-3-1، ما يجبره على التفضيل بين احد المهاجمين اللذين سيحظيان بدعم هجومي مميز من الثنائي اريين روبن و ويسلي سنايدر. ويبقى الهم الأساسي للمدرب الهولندي في خط الدفاع لان شباك "البرتقالي" اهتزت 5 مرات في مباراتيه الوديتين أمام المانيا وانكلترا، كما تلقى فان مارفيك خبرا سيئا متمثلا بعدم تمكن الظهير الأيسر ايريك بيترز من المشاركة في البطولة القارية؛ لأنه لم يشف من إصابة في قدمه. أما منتخبات البرتغال بقيادة نجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو، وفرنسا المتجددة بقيادة مدربها لوران بلان، وايطاليا التي نفضت جلدها تماما بعد مونديال 2010 المخيب، فتأتي في المستوى الثاني من الترشيحات. يذكر أن الفائز باللقب سيشارك في كأس القارات المقررة في البرازيل العام المقبل.