يطلق على صحراء ناميب، التي تعتبر من أقدم صحاري العالم، اسم أرض الأشباح، وهناك تقف أطلال مدينة كولمانسكوب كشاهد على مستوطنة بشرية ازدهرت يوماً ما وسط بحر الرمال القاحلة. وكانت مدينة كولمانسكوب مركزاً نابضاً للتنقيب عن الألماس خلال فترة العشرينيات من القرن الماضي، واحتضنت إبان مجدها الغابر قاعات للرقص ولعبة البولينغ وكازينو، ومستشفى جهز بنوع نادر من أجهزة الأشعة، بجانب كافة المرافق الحديثة تميزت بها المدينة المترفة حينها. وعُرفت المدينة بأنها أكثر المستعمرات الألمانية ازدهاراً في أفريقيا، وتمسك ساكنوها بنمط عيشهم التقليدي، وشيدت بيوتها على طراز القرى الألمانية، وسط الكثبان الرملية. وبلغ تعداد سكان المدينة من الأوروبين 300 شخص بالغ و40 طفلاً، بجانب 800 من العمال المحليين. وتهافت الأوروبيون اللاهثون خلف الثراء إلى كولمانسكوب، بعد عثور عامل أفريقي، يدعي زاكارياس لويلا، على ماسة، أثناء قيامه بعملة لإزاحة الرمال عن قضبان للقطار عام 1908. وبعد فترة من الوقت، توجه المستوطنون جنوباً مع اكتشاف مخزون جديد من الماس هناك، ومع رحيل آخر السكان، لم يتبق في كولمانسكوب سوى دلائل عن الماضي الغابر. وضعت المدينة تحت الحماية منذ عام 1980، وأصبحت مزاراً سياحياً مشهوراً في ناميبيا، وتعرف كولمانسكوب بطبيعتها المخيفة، بسبب الآثار المهجورة المنتشرة. ويتوجب الحصول على تصريح لدخول كولمانسكوب، لأنها تقع في منطقة محظورة، نظراً لاحتياطيات الماس الضخمة بها، ويقدرها علماء بنحو 400 مليون قيراط. ولا تعتبر كولمانسكوب الشبح الوحيد في صحرا ناميب، إذ أنها تعد موطناً لنحو 150 من الخيول البرية، التي تأقلمت على العيش دون مياه لفترات طويلة من الوقت، وهي تتجول بحرية على مشارف المنطقة الصحراوية. ورجح بيت سيوغر، وهو مدير فندق بالمنطقة، نظرية تقول بأن الخيول كانت تتبع للجيش الألماني الذي خلفها وراءه، إبان الفوضى التي أعقبت الحرب العالمية الأولى. وأضاف قائلاً: أعتقد بأن هناك نقطة يتوفر بها الماء، وهذا يفسر أسباب بقائها على قيد الحياة طيلة هذه السنوات.. وتابع: إنها تعرف بالخيول الأشباح وتندر مشاهدتها. وتعتبر صحراء ناميب أقدم صحاري العالم، وهي تمتد بمحاذاة ساحل جنوب أفريقيا الغربي، وإلى حد بعيد داخل ناميبيا، ويوجد فيها أعلى كثبان رملية في العالم، وأطلق اسم ساحل سكلتون (الحطام) على الجزء الذي يكون المنطقة الشمالية، حيث يوجد عدد كبير من هياكل السفن المحطمة هناك.