افتتح معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس ملتقى الإبداع وريادة الأعمال الذي تنظمه وكالة الجامعة للأعمال والإبداع المعرفي خلال الفترة من الثالث وحتى الخامس من شهر جمادى الآخرة الجاري بحضور وكلاء الجامعة وعمداء كليات وعمادات ومراكز خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالجامعات السعودية والمشاركين في الملتقى من الخبراء ورواد الأعمال والإبداع المعرفي من داخل المملكة وخارجها . وقد بدأ الحفل الخطابي الذي أقيم بهذه المناسبة بالقرآن الكريم ثم ألقى وكيل الجامعة للأعمال والإبداع المعرفي الدكتور نبيل بن عبدالقادر كوشك كلمة رحب فيها بالحضور والمشاركين في هذا الملتقى الذي يتوافق مع ما نعيشه اليوم في عصر ريادة المعرفة وقيادتها مؤكدا أن ما نشهده اليوم من أوجه التطور المذهلة هي بشكل أو بآخر ناتجة عن استثمار للإبداع المعرفي والناتج البحثي وتحويله إلى منتجات وخدمات ويترجم توجهات التنمية في مسار النمو الاقتصادي المستدام القائم على المعرفة وعلى دعم الإبداع والابتكار وريادة الأعمال وهو المسار الذي يعتبر الميزة التنافسية للدول الرائدة والمتقدمة. وبين أن المملكة العربية السعودية أدركت في ظل قيادتها الحكيمة أهمية هذا التوجه في حراكها التطويري والتنموي حيث تُرجم هذا التوجه على أرض الواقع من خلال إطلاق الجامعات والقطاعات الحكومية المختلفة والشركات العديد من المبادرات لتعزيز ودعم الإبداع والابتكار وريادة الأعمال مبينا أنجامعة أم القرى تقوم بدور فاعل في هذا الصدد حيث بادرت بإنشاء وكالة الجامعة للأعمال والإبداع المعرفي لتترجم حرصها على المساهمة في تسريع تحول الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد معرفي مستدام لا سيما وأن وجودها في قلب مكةالمكرمة جعلها تتشرف بميزة استثنائية هي خدمة ضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين لافتا النظر إلى أن من ضمن سلسة المبادرات التي تتبناها الجامعة في هذا الاتجاه أطلقت معهد الإبداع وريادة الأعمال وإدارة الملكية الفكرية ومن المتوقع أن يساهم المبدعون والمبتكرون ورواد الأعمال الذين ترعاهم الجامعة من خلال حاضنات الابتكار وحاضنات الأعمال بالمعهد في استثمار الناتج المعرفي. وأفاد أن تنظيم هذا الملتقى جاء ليكون بوتقة التقاء المهتمين والخبراء المحليين والعالميين في هذا المجال مع صانعي القرار والمستفيدين مبينا أنه سيتم خلال فعالياته مناقشة ثلاثة محاور تتناول التجارب المحلية والإقليمية والدولية والمبادرات المتميزة للجامعات ودور المؤسسات في تعزيز الإبداع وريادة الأعمال وكذلك الوضع القائم وتوجهات القطاع الخاص في المملكة والمنظمات غير الحكومية ومبادرات المؤسسات التعليمية في مجال الإبداع وريادة الأعمال بالإضافة إلى الفرص والتحديات بمكةالمكرمة خصوصا بعد موافقة مجلس الوزراء منذ أسبوعين على تأسيس شركة وادي مكة للتقنية. وأعرب عن شكره وتقديره لمعالي مدير الجامعة الدكتور بكري بن معتوق عساس على دعمه ومساندته للملتقى كما شكر جميع المشاركين من متحدثين ورؤساء جلسات الذين ستكون لمساهمتهم أكبر الأثر في تحقيق أهداف هذا الملتقى . عقب ذلك ألقى معالي مدير الجامعة الدكتور بكري بن معتوق عساس كلمة أعاد فيها الأذهان إلى القرنِ السادسِ الهجريِّ الذي شهد ولادة أولِ (روبوتٍ) عرفتْه البشريَّةُ حيث ذكر أبو العزِّ إسماعيلُ بنُ الرزَّازِ الجزَرِيُّ في كتابِهِ (الجامعِ بين العلمِ والعملِ) أنَّ الخليفةَ طَلَبَ منه أن يَصْنَعَ له آلةً تُغْنِيهِ عن الخَدَمِ كُلَّمَا رَغِبَ في الوضوءِ للصَّلاة، فَصَنَعَ له الجَزَرِيُّ آلةً على هيئةِ غلامٍ منتصبِ القامةِ وفي يدِهِ إبريقُ ماءٍ وفي اليدِ الأخرى مِنْشَفةٌ وعلى عمامتِهِ يقفُ طائرٌ فإذا حان وقتُ الصَّلاةِ يُصَفِّرُ الطائرُ ثم يتقدَّمُ الخادمُ نحو سيِّدِه ويصبُّ الماء من الإبريق بمقدارٍ مُعَيَّنٍ فإذا انتهى من وضوئه يُقَدِّمُ له المنشفة ثم يعود إلى مكانِه والعصفور يُغَرِّدُ مؤكدا أنه لم يكنْ هذا الإبداعُ العلميُّ حالةً فريدةً في حضارتنا المسلمةِ بل كانَ سمةً غالبةً تقابلُ سمةَ التفوُّقِ الروحيِّ الإيمانيِّ، فعلماءُ حضارتِنا الزاهرةِ حقَّقُوا الكثير من الإنجازاتِ فهم أول من فصل الذَّهَبَ عن الفضَّةِ وأوّلُ من عمل الجليدَ الصِّناعيَّ وأوّلُ من اكتشفَ سرعةَ الضَّوءِ وأولُ مَنْ صَنَعَ الكاميرا وأوَّلُ من وضعَ جداولَ اللوغاريتماتِ الحديثةَ وأولُ من اخترعَ الصفرَ وأولُ من استخدمَ الإبرةَ المغناطيسيَّةَ في الملاحةِ وأولُ من صنعَ الورقَ الفاخرَ الجيّدَ وأولُ من صنعَ الزجاجَ وغير ذلك من هذهِ الأولياتِ العلميةِ الاختراعيَّةِ الاكتشافيَّةِ مؤكدا أن هذه الحضارةُ الفذَّةُ هي التي أخرجتِ البيرونيَّ، والرازيَّ، وابنَ النَّفِيسِ، وابنَ البيطارِ، والزَّهراويَّ، وابنَ زُهْرٍ، والإدريسيَّ، وابنَ قُرَّةَ، وغيرَهم ممَّنْ تركوا في سجلاتِ الريادةِ العلميَّةِ بصماتٍ لا تُنسى. وبين معاليه أن هذه الأعمال كانتْ مزيَّةُ هذه الحضارة المسلمةِ وأعلتِ البُنيانَ وأَغْلَتِ الإنسانَ مزجَتْ بين الجسدِ والروحِ زاوَجتْ بين ضَرْبةِ الكفِّ وخفقةِ القلبِ فنجَتْ حضارة الإسلامِ من جفافِ الروحِ وموتِ القيمِ وبَوَارِ الأخلاقِ كما أعطتِ الإبداعَ والإتقانَ مساحةً واسعةً في أدبيّاتِها، وما ظنُّكم بحضارةٍ يقول نبيُّها المصطفى صلى الله عليه وسلم : (إن الله يحب إذا عملَ أحدُكم عملاً أن يُتقِنَه). وأفاد معاليه أن الجامعة من خلال هذا الملتقى تحاولُ تجديدَ هذا الرابطِ المباركِ بين عمارةِ الدنيا وعِمارَةِ الدين وبين عِبْرةِ الصَّانِعِ وعَبْرةِ الخاشعِ كما تهدف إلى الاستفادة من المبادراتِ العالميةِ والإقليميةِ ذاتِ العلاقةِ وإيجادِ حلولٍ للتحديات التي تواجهُ اقتصاديَّاتِ منطقةِ مكةَالمكرمةِ من خلال الإبداع وريادة الأعمال عبرَ وصْلٍ جميلٍ بين أصحاب المبادراتِ وأصحاب القراراتِ مما يشكِّلُ فرصةً حقيقيَّةً لخلقِ واقعٍ رياديٍّ مُنْجِزٍمشيرا إلى أن الملتقى بمحاورِهِ وجلساتِهِ وب ( TEDx ) المصاحب له هو قفزةٌ حقيقيَّةٌ تقومُ بها وكالةُ جامعة أم القرى للأعمال والإبداعِ المعرفيِّ . وأعرب معاليه عن شكره لوكيل الجامعة للأعمال والإبداع المعرفي الدكتور نبيل كوشك ولكافة العاملين معه ولكل من أسهم في نجاح هذه الفعالية مجزلا شكره العميق لعلمائنا وباحثينا ومبتكرينا الذين شرفوا الديار وزينوا بعطائهمُ العلميِّ الجامعة . ثم انطلقت فعاليات الملتقى بعقد الجلسة الأولى التي ترأسها وكيل الجامعة للأعمال والإبداع المعرفي الدكتور نبيل كوشك تحت عنوان ( مبادرات وتجارب الجامعات عالميا ) تحدث خلالها البروفيسور عبدول علي " الأستاذ المشارك بكلية بابسون حول ( أهم مبادئ ريادة الأعمال ) ثم تناول الدكتور ديفيد باجرست رئيس مشروع Isis) ) في آسيا وشركة Isis للإبداع موضوع ( تحسين فعاليات تسويق تقنية الجامعة – دروس من جامعة أكسفورد ) أعقبه الدكتور بادول دجويلد الاستاذ بجامعة واتيرلو بالحديث عن ( الارتقاء بريادة الأعمال والابتكار التكنولجي ) بعد ذلك أجاب المشاركين في الجلسة على أسئلة ومداخلات الحضور . بعدها عقد المشاركون جلستهم الثانية التي ترأسها المستشار لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة بالقطاع الخاص الأستاذ شرف محمد الدباغ بعنوان ( مبادرات وتجارب من القطاع الخاص ) حيث انطلقت الجلسة بحديث فهد احمد السماري العضو المنتدب شركة مركز أرامكو السعودية لريادة الأعمال المحدودة حول ( شركة مركز ارامكو السعودية لريادة الأعمال المحدودة " واعد " ) فيما تطرق الدكتور فادي طرابزوني مدير تطوير الأعمال " شركة كريستال عن ( قصة نجاح شركة كريستال – الإلهام من التيتانيوم ) واختتم الجلسة مناف سوبودا المدير العالمي لمبادرات ريادة الأعمال والابتكار – شركة انتل بالحديث عن ( مشروع الريادة x 3 ) ثم الأسئلة والنقاشات حول ما دار في هذه الجلسة . أما الجلسة الثالثة والأخيرة التي عقدت بعنوان ( تجارب ساهمت في نشر ثقافة الابداع وريادة الأعمال ) وترأسها الدكتور أسامة بن راشد العمري عميد معهد البحوث والدراسات الاستشارية فقد تحث خلالها المهندس فرحان الكلالدة مدير تنفيذي بمركز الملكة رانيا للريادة عن ( ريادة الأعمال التقنية في الجامعات الأردنية ) فيما تناول نزار شنيور المدير التنفيذي بصندوق خليفة لتطوير المشاريع أهمية ( دور صندوق خليفة في دعم النماء الاقتصادي والاجتماعي في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال ريادة الأعمال وتطوير قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ) وتطرق الدكتور ميسني مسران الأستاذ الجامعي بجامعة مالايا بماليزيا عن ( دعم نشاطات الابتكار وريادة الأعمال – تجربة جامعة مالايا ) ثم اختتمت الجلسة بحديث الدكتور ريتشارد تشيد ستر مستشار المدير العام بمعهد الكويت للأبحاث العلمية حول ( فتح الابتكار : التغلب على الحواجز الثقافية ) .