مَنْ أحبَّ نفسهُ ؛ لم يُحِبْ أحداً ، فنصفُ المصائب من صُنع الأنانيين ، فأنْ تكونَ أنانيّاً ؛ يعني ألّا تكون صالحاً لشيء ، فلا أحد أقوى من نفسك لإرشادها إلى الخير كما قال شكسبير. يقول تعالى:( إنْ أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) ، فالنفس الإنسانيّة عادةً هي جامعة لِكُلِّ شيء ، فمن عرفها عرف كُل شيء ، ومن جهلها جهِلَ كُل شيء. إنّ النفس البشريّة هي مرآةٌ ترسم عليها الصُّور والألوان ، فآنس نفسك إذا أردتَ أنْ تقوم بعمل يبقى لك رصيدًا استثماريًا بعد الرحيل ، فالسعادة الحقّة في كبت النفس عن جماح الأنانيّة ، وهي الزاوية الحقيقيّة التي تستطيع إصلاحها ؛ إنّها النفس بدون جِدال! يقول الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلّم- ( انفق يا ابن آدم يُنفق عليك). وأفضل الصدقات صدقة المُقِل ، لقوله عليه الصلاة السلام ( أفضل الصدقة جُهد المُقِل) وقوله (سبق درهم مائةالف درهم)، فهو يُؤثر على نفسه ولو كان به حاجة ، فالإيثار هو أعلى درجات الإحسان ، وهو تقديم الغير على النّفس ؛ رغبةً في الدار الآخرة ، وذلك ينشأ عن قُوّة يقين بأنّ ما عند الله باقٍ وما سواه زائل ، وغرس محبّة الخيرللغير والصبر على المشقة . يقول تعالى:( ويُؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة…) ، فأقصى درجات الجود وغايتها هي الجودبمافي يدك مع الإعراض عن هوى النفس وحظوظها . يقول عليه السلام:( أيّما امرؤ اشتهى شهوة ، فرد شهوته ، وآثر على نفسه غُفِر له). وقال علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- ( الإيثار شيمةُ الأبرار)… فالإنسان لن يبلغ درجة الإحسان التي وصفها القرآن الكريم ???? هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان ) ، إلاّ من خلال الإحسان إلى النّاس، بكلِّ معاني الإخلاص والتقوى، كما أحسن الله إليه..يقول تعالى:( وأحسن كما أحسن الله إليك). إنّ من مزايا المحسنين أنّ الله دائماً في معيّتهم ، حيثُ يُسددهم ويوفقهم ويحميهم وينصرهم.. قال تعالى:( والذين جاهدوا فينا لنهدينّهُم سُبُلنا وإنّ الله لمع المُحسنين). كما أنّ إحسان المُكرَه لا يستحق الشكر، فإنْ أردت رُتبة الأشراف فعليك بالإحسان والإنصاف مع الرضى والقناعة. وعليك أنْ تنسى الإساءة ، وأنْ تذكر الإحسان لذاته ، فالناس عبيد الإحسان..ولن يسوس المرءُ قومَهُ إلا بالإحسان.. فالإحسان يُغطّي ويستر جميع العيوب .. والأحياءُ أكثر حاجةً إلى الإحسان من الميّت . * وقفة*: – أغنى الناس : أكثرهم إحساناً. ( ابن المُقفّع). – لا يقع الإحسان في محله إلّا إذا صان المُحسِنُ وجهَ من يُحسِنُ إليه من المذلة فيعطي العطية وهويشعر بأنه على وجل ; قال الله عزوجل (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجِلَةٌ أنهم إلى ربهم راجعون)