نشرنا في المقال السابق لا للاستراحات (1) شروط بناء الاستراحات التي لو طبقت لما وجدنا استراحة قائمة بسبب مخالفتها للنظام، وبرأينا المتواضع، لم تعد بعض الاستراحات في بلادنا للراحة ولا للترفيه، ولكنها أصبحت مكانا لهروب الشباب عن قضايا الأسرة والمجتمع، وتخفي العمالة غير النظامية عن عيون الأمن، وصارت للسهر والشللية ونشر ثقافة الشيش ولعب الورق وتبديد الوقت في القيل والقال، والشرب والأكل والنوم بعيدا عن البيوت وأفراد الأسرة، بل أصبحت وكرا لغسيل الأفكار والتستر والإرهاب ، وذلك تحت حجة الخصوصية وغياب وسائل الترفيه، وإهمال الجهات الرسمية للشباب، ومضايقاتهم في جلساتهم على الطرقات والأرصفة. الاستراحات لم يعد لها -اليوم- مع وجود هيئة للترفيه وإطلاقها الفعاليات الترفيهية في كل مكان وزمان ومنح الشباب حرية أكثر في ارتياد جميع الأماكن.ن حيث باتت تشكل هاجساً أمنياً واجتماعياً وثقافيا وأخلاقيا واقتصاديا وفكريا وسياسيا، خاصة على الشباب وصغار السن، مما يعني معه ضرورة معالجة وضعها وما يدور فيها بعيدا عن أعين الأسرة والمجتمع والمؤسسة الأمنية. علاوة على شكاوى وتذمر السكان، وما يصدر من مرتادي تلك الاستراحات من إزعاجات وما تسببه من ازدحام وعرقلة لحركة المرور في الشوارع الواقعة عليها ومخالفة بعضها للنظام، نجد أن هناك من قبض عليه وسجن وتبين بعد ذلك أنه يجالس مجموعة من مرتادي الاستراحات، حيث تغسل عقولهم ويوجهون إلى مواقع في ألنت تعادي هذه البلاد وحكامها وعلمائها وتبين أيضا أن عددا من الذين دخلوا السجون هم من رواد بعض هذه الاستراحات، وهناك من تخرج منها واتجه بمخ مغسول إلى دول ومنظمات وغيرها من أماكن الصراع وأصبحوا ضحيا! إن الاستراحات وتجمعاتها أسهمت في إيجاد الفرقة والشقاق بين الشباب ، بل وسببت التفكك الأسري والزوجي، وأسهمت في نشر ثقافة الشيشة والدخان والقنوات الهابطة ، بل وأسهمت في انتشار الحبوب المخدرة، وكذلك الحجامة والمساج والتدليك التي انتشرت خلال الآونة الأخيرة على يد مجموعة من العمال الآسيويين الذين نصبوا أنفسهم مختصين ، وأصبحوا يجوبون الاستراحات ويقدمون هذه الخدمات، دون امتلاكهم للشهادات التي تؤهلهم لذلك، وفي غياب تام للرقابة على عملهم! .علاوة على أن 90% من الاستراحات حسب تقارير جهات رسمية، لا تنطبق عليها اشتراطات وزارة الشؤون البلدية والقروية، والتي من أهمها أن تكون الاستراحة بمساحة معينة؛ وأن تتوفر فيها اشتراطات السلامة، من حيث مخارج الطوارئ، أو المسابح مما يؤدي إلى حدوث ما لا تحمد عقباه. لقد صارت الاستراحات أشبه بالسكن لدى مجموعة من الشباب، وبات بعض الشباب يقضون فيها أوقانا قد تكون أكثر من تلك التي يقضونها في منازلهم، ما أدى إلى تغير في العادات والتقاليد الاجتماعية في التعامل مع الشباب. إن ظاهرة انتشار الاستراحات تستوجب تدخلا سريعا لإعادة تنظيمها، بحيث يمنع تأجيرها بالأسبوع أو الشهر أو السنة، ويكتفي بالتأجير اليومي حيث باتت أوكاراً لاختطاف الصغار للبرامج الإرهابية، وحيث يؤكد الكثير من الإباء والأمهات انه تم اختطاف أبنائهم فكرياً بعد دخولهم تلك الاستراحات خلسة وبعيدا عن مراقبة الأهل أو المجتمع وربما المؤسسات المختصة. كما يجب فرض رقابة لصيقة على مجريات الأمور في الاستراحات، لرصد المخالفات التي قد ترتقي لحد التهديدات الأمنية، حيث إنه لا يوجد ضوابط واضحة، للداخلين والخارجين منها، ولا سجلات مرتبطة بالجهات الأمنية، تسجل أسماء المستأجرين، أسوة بالفنادق، خصوصا أن هذه الاستراحات قد تكون مرتعا خصبا للمخالفين لأنظمة الإقامة في المملكة، أو حتى الخارجين عن القانون، والإرهابيين. نرى أنه مع وجود برامج وفعاليات هيئة الترفيه المتنوعة ، وبرامج التحول والرؤية الوطنية والاعتماد على الشباب حاضرا ومستقبلا، لا توجد حاجة للاستراحات ( التي تؤجر بالأسبوع أو الشهر أو السنة، والتي أصبحت كأنها بيوتا سكنية) والتي أسهمت في تعطيل المواطن وتبديد معظم وقته في أمور لا تعود عليه ولا على أسرته ولا على مجتمعه ولا وطنه بنفع.. بقلم د.هلال محمد العسكر