اليوم الوطني تاريخ تالد .. ومستقبل واعد تمتدّ المساحة الجغرافية للمملكة العربية السعوديّة في قلب كلّ مواطن سعودي بمقدار حبه لثرى هذا الوطن، وحبّه للذود عنها، والذّبّ عن حياضها. تمامًا مثلما تمتدّ المساحة التاريخية لهذه المملكة ضاربة بجذورها في تاريخ الأمّة الإسلامية، مترجمة هذا الامتداد في يومها الوطني الذي يوافق 23/9/2016م . إن اليوم الوطنيّ للمملكة العربية السعودية ليس مناسبة عابرة أو ذكرى ماضية، وإنما هو امتداد تاريخي يصل الماضي التالد بالمستقبل الواعد استشرافًا وإنجازًا وتقدمًا ونهضة. لقد سطر الملك عبد العزيز فيه ملحمة خالدة بتوحيده لهذا الكيان الفريد في وحدته ،والذي تجلى في دولة أمن وعز ورخاء وازدهار،انطوت معه صفحات من الجهل والتناحر والفرقة والتخلف بكل تفاصيل ذلك العهد المظلم من تاريخ الجزيرة العربية، فقد استلهم التوحيد من عقيدته الصافية المبنيّة على توحيد الخالق جلّ وعلا، فوحد الأرض ووحد الدين ووحد الوجهة. وكانت انطلاقة الملك عبد العزيز رحمه الله في التوحيد مبنية على إخلاصه وعزيمته في تحقيق مستقبل مشرق لهذه المملكة ونهضة وتقدم ملموسين؛ حيث أشبع أبناءه هذه المفاهيم والقيم التي تعلي من شأن الوطن والعقيدة، فنشأوا رعاة أمة وحماة عقيدة، استنارت بصيرتهم بتلك المفاهيم واستشرفوا آفاق التقدم والنهضة بما آتاهم الله من إخلاص وحكمة. لقد أدرك الملك عبد العزيز –رحمه الله- ومن بعده خلفه الذين مكّن الله لهم؛ أدركوا قدسية المكان وضرورات الزمان؛ فجمعوا بين الأصالة والمعاصرة، وضربوا في جنبات الأرض لخدمة مقدساتهم وحفظ أمن بلادهم وقبلة الأمة الإسلامية في أرجاء المعمورة، والإعلاء من شأن المملكة ورفع رايتها التي تحمل عبارة التوحيد فترفرف بظلها على البشرية جمعاء. لقد وصل أبناء الملك عبد العزيز التالد بالطارف سائرين على الدرب باذلين وسعهم في تحقيق النهضة والعزة للمملكة لتتبوأ مكانتها وتحتل مركزها. ومن ذلك التاريخ الوطني العزيز وإلى يومنا هذا وما بعده ومسارات النهضة والتقدم في المملكة تتعدد وتزداد متغلبة على كل العوائق مجتازة كل التحديات والصعاب بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله . إنّ نظرة عابرة لكل ذي لبٍّ وبصيرة يدرك ما توصلت إليه المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من تقدم ملحوظ على كل الأصعدة والاتجاهات، فها هي منارات العلم والمعرفة من جامعات وكليات ومعاهد ينافس يومها أمسها وغدها يومها، امتدت بامتداد الرقعة الفسيحة تضرب في أعماق الإنسان السعودي فتخرج للنور معدنًا نفيسًا من الطاقة البشرية التي تمتلكها المملكة العربية السعودية والعقلية التي حسن الاستثمار فيها لكونها عقلية واعية واعدة متسلحة بتوحيد الله وسلامة المعتقد وحب الوطن وحامي الوطن. لقد انطلقت بواعث النهضة والتنمية في الوطن مرسيًا دعائمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله؛ حيث أحدث تحولا في سياسات ونظام التعليم فحققت المملكة قفزات كبيره في مجالات التعليم والثقافة، انطلاقًا من رؤية استراتيجية تحقق طموحات المملكة وترى فيها قوة عربية وإس لامية ومحورًا استراتيجيًّا في المنطقة والعالم بأسره. إن رؤية 2030 التي تنتهجها المملكة تنطلق من مكامن القوة فيهافمكانة المملكة في العالم الإسلامي ستمكننا من أداء دورنا الرياديكعمق وسند لأمتنا العرب ية والإسلامية، كما ستكون قوة المملكة الاستثمارية المفتاح والمحرّك لتنويع اقتصاد نا وتحقيق استدامته، فيماسيمكّ ننا موقعنا الاستراتيجي من أن ن كون محورًا لربط القارات الثلاث. وتلك الرؤية الطموحة تعتمد على ثلاثة محاور مهمة هي المجتمعالحيوي والاقتصاد المزده ر والوطن الطموح، وهذه المحاور تتكامل وتنسق مع بعضها في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة، وتعظيم الاستفادة من مرتكزات هذه الرؤية. ولعل ما نراه الآن من انتشار واسع للجامعات والكليات في مدن ومحافظات المملكة هو ثمرة هذه النهضة، وتلك الرؤية، والتي كان لها الأثر أيضًا في نهضة هذه المدن والمحافظات نهضة علمية وثقافية، بل نهضة عمرانية من خلال المدن الجامعية التي تضمنت توفير السكن للهيئة التدريسية وللطلاب في تلك المناطق، كما أصبحت الجامعات مراكز نمو اقتصادي في هذه المدن والمحافظات من خلال ما تقوم به من دور بارز في المجتمع، خاصة الدور الصحي التعليمي ، ويؤكد ذلك ويعززه ما نشهده من اهتمام بالمستشفيات الجامعية التعليمية والكليات الصحيّّة وما تقدمه من خدمات وقائية وصحية للمجتمعات في شتى أرجاء المملكة، كل هذا أضفى على الجامعات دورًا محوريًّا في المجتمع السعودي. فمن عبق الماضي الأصيل انطلق أبناء الملك عبد العزيز في رحلة البناء والتنمية التي أثمرت دولة عظيمة فاعلة ومؤثرة في موازين الرقي والتقدم بإسهاماتها في الحضارة العالمية منطلقة من ثوابتهاالإسلامية الراسخة وقيمها العربية الأصيلة في سبل الخير لأبنائها بخطط تنموية و في كل مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية. – الدكتور عبدالله بن عبدالله الجمعة وكيل جامعة الأمير سطّام بن عبد العزيز