"لقد كنت أقول دائما انه إذا جاء يوم لا استطيع فيه القيام بواجبي وما هو منتظر مني كمدير آبل فاني سأكون أول من يعلن ذلك... للأسف إن هذا اليوم قد حان. وأنا أقدم استقالتي من منصب مدير عام آبل" بهذه الكلمات أعلن ستيف جوبز استقالته كرئيس تنفيذي لشركة أبل للإلكترونيات بعد سنوات طويلة في ترأسها منذ بداية تأسيس هذه الشركة عام 1976م وحتى مراحل تطويرها ووصولها الآن الى مرحلة متقدمة من حيث الجودة والإبداع والشهرة التجارية والقبول الشعبي الكبير لمنتجاتها، فقد أحدث هذا الرجل من خلال أبل ثورة كبيرة في عالم الاتصالات والإلكترونيات والتقنيات الحديثة، وتعد شركة أبل الآن أغلى شركة في العالم إذ تبلغ القيمة السوقية لها 346 مليار دولار. بعث ستيف جوبز بهذه الكلمات إلى مجلس إدارة الشركة معلنا تخليه عن منصبه مفسحا المجال لغيره ليستلم زمام الشركة ويقودها كما خطط لها مؤسسها ومطورها لأنه كما قال لا يستطيع الاستمرار والقيام بواجباته المنتظرة منه فقدم مصلحة الشركة على مصلحته وهو الذي كان بإمكانه الاستمرار بالمنصب وهذه حاله والحصول على جميع الامتيازات المعنوية والمادية مع الاستعانة بمن يدير الشركة تحت سمعه وبصره. بهذا القرار الذي اتخذه ستيف جوبز يكون قد ضرب مثالا ودرسا بليغا في الإدارة أتمنى أن يحتذي، فعندما لا تكون قادرا على الاستمرار في المنصب الذي كلفت به ورأيت نفسك وقد خلا رصيد عطاءك وحماسك واستنفذت كل طاقتك وقدراتك ونضب نبع إبداعك وابتكارك فأعلن وبكل شجاعة وبطولة تنحيك وابتعادك لبث الروح من جديد وإتاحة الفرصة للأفكار والطاقات الجديدة والمبدعة. عزيزي المدير، لكي نلحق بالركب ونجد لنا موطئ قدم في هذا التزاحم والتسارع العلمي والتقني والمعلوماتي الهائل لا بد من أن تدرك أن مصلحة المنشأة التي تديرها مقدم على مصلحتك الشخصية وليس من العيب أو الضعف أن تعلن ترجلك عن الكرسي الذي تمتطيه منذ سنوات طوال عندما ترى نفسك وقد قدمت كل ما لديك وأصبحت ناضب العطاء خالي الوفاض، وتأكد أن ذلك سيحسب لك، قبل أن تُقتلع من هذا الكرسي عنوة وعندها سيحسب ذلك عليك. بعد النقطة: لا ينفع من الجزع التبكي، ولا مما هو واقع التوقي. أكثم بن صيفي عيد جريس [email protected]