إنّ التفريق بين الأولاد والبنات في المضاجع من الأمور الخطيرة والمهمّة، وذات الدلالة العميقة ،ومقالتي عن هذا الأمر المهم تمثّل رسالة أوجّهها للجميع ،ابتداءً من الآباء والأمّهات بالمنزل، ومروراً بالأساتذة بالمدرسة، ومروراً إلى الخطباء بالمساجد، والى كلّ من يعنيه هذا الأمر. قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام بالحديث الشريف "مروا أولادكم بالصّلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين ، وفرّقوا بينهم في المضاجع " أخرجه أحمد وأبو داود وصحّحه الألباني. ولا شكّ أنّ هذا الأمر يشكّل هاجساً كبيراً لدى كثير من النّاس ، وقد طرحته من باب التذكير لأنّ الذكرى تنفع المؤمنين. يجب علينا التأكيد على ضرورة التفريق بين الأخ وأخيه وبين الأخ وأخته وبين الأخت وأختها بالمضاجع ، أيضاً يجب التفريق بين الولد وأمّه وبين الولد وأبيه وبين الإثنين معاً وبين الولد والخادمة أو المربية وبين البنت والخادمة أو المربية . والتفريق يكون بجعل كلّ واحد من الأولاد وكلّ واحدة من البنات في فراش مستقل بمفرده والأفضل أن يكونوا في غرفة واحدة ، لأنّ وجود كلّ واحد منهم أو منهنّ مع الآخر في فراش واحد قد يكون وسيلة لوقوع الفاحشة أو للمضايقة التي لها العديد من الجوانب السلبية لا محالة. لذا أيّها الآباء والأمّهات فرّقوا بين أولادكم وبناتكم في مضاجعهم التي ينامون فيها إذا بلغوا عشراً حذراً من غوائل الشهوة لأنّكم مأمورون شرعاً بذلك وهذا خوفاً من أن يروا عورات بعضهم البعض في حال النوم أو في حال اليقظة وهذا قد يؤدّي إلى إثارتهم أدبياً وخلقياً ، وقد قال تعالى بكتابه العزيز "يا أيّها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً .. إلخ الآية" سورة التحريم، آية رقم 6 . لذا أيّها الآباء والأمّهات سيسألكم الله تعالى عن هذه الأمانة فلا تتجاهلوها أو تنسوها أو تخجلوا منها . أيّها الآباء والأمّهات : الأولاد والبنات وإن كانوا صغاراً فإنّهم يملكون غرائز وميولاً طبيعيةً منحها لهم الله سبحانه وتعالى ونحن بشر، والغريزة الجنسية التي تكون كامنةً في التكوينات الأولى من الإنسان يمكن إيقاظها لدى هؤلاء الأولاد والبنات ، وهنا تكمن مهمّتكما في إبقائها في حالة سبات ما أمكنكما، وذلك للحفاظ على هذه الطفولة البريئة والوصول إلى التربية الصّحيحة والسليمة . يجب غرس هذا السلوك لدى (الولد أو البنت) منذ الصغر على أن ينام منفرداً بفراش مستقلّ أو بغرفة مستقلّة ليشعر بالإستقلاليّة ويعتمد على نفسه وليس على الآخرين وهو تدريب لهم للتعوّد على الفضيلة والعفاف والطهر ولكي لا يأخذ الولد أطباع البنت أو تأخذ البنت أطباع الولد. يجب أيضاً على الآباء والأمّهات أن يعملا على عدم تعرّض الأولاد والبنات لأمور سيّئة فيما بينهم كأن يخلع الولد ملابس أخوه أو أخته وغير ذلك فالشيطان ينتظر ويوسوس لهم بفعل ذلك وهنا أؤكّد على إخفاء معالم الفتنة وخصوصيات الجسد أمام الأطفال ، لأنّهم سيحتفظون بهذه المشاهد والصور بمخيّلتهم لا شعورياً وهذا يولّد مع الأيّام رغبةً شديدةً لديهم بالفضول وحب الإستطلاع. فإنّ الولد إذا بلغ عشر سنوات عقل وفهم ما هو معنى الجماع ، ولا شيء له يردّه ، فربّما يقع على أخته أو أمّه ، لأنّ النوم وقت راحة مهيّج للشهوة وترتفع فيه الثياب عن العورة وقد يؤدّي ذلك إلى المحظور وإلى المضاجعة المحرّمة خصوصاً لدى أطفال هذا العصر ، بحكم أن وسائل التقنية والإتصال كشفت لهم كل شيء فغالبيتّهم يعرفون الأمور الجنسيّة، ويعرفون مفاتح الفسق أكثر من الكبار والعياذ بالله . التفريق قاعدة تربويّة إسلاميّة ، لو لا أهميتها لما أمر بها المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ، لذا ينبغي على الآباء والأمّهات أن يحافظا عليها لنحقّق هذه التربية الإسلاميّة في أبنائنا بالطريقة الصّحيحة الطاهرة . ختاماً : أتمنّى من الله العليّ القدير أن يديم علينا نعمة الإسلام ونداوم على القرآن والسنّة وأسأله تبارك وتعالى أن يعيننا على تربية أولادنا وفق المنهج الإسلامي ، كما أمرنا رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم ،وكما يحب سبحانه وتعالى ويرضى . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، عبد القادر بن محمّد بن قاسم الفهّاد مدير إدارة الموارد البشرية مؤسسة الشتاء والصيف للتجارة والمقاولات – الرياض