جاء إليها يعلو الخوف محياه يطلب إليها الدفء والأمان... يرنو بنظراته إليها وجلا ... فعندما شعر بالخوف ، أسرع إلى بيته لم يذهب لغيره ، ودخل إلى زوجته لم يذهب لغيرها ، وكان يرتعشُ وعلى جبينه حباتُ عَرَقٍ ؛ فأسرعت به إلى الفراش ووضعت فوقه الغطاء. فتلقته هي بكل حب وشوق وتحتضنه بقوة حبها وإيمانها بإخلاصه وأمانته....دثريني هذه الكلمات التي نطق بها لزوجته الرائعة ... هو بكل ما به من قوة ومنعة خلقها الله ووضعها بداخله التجأ لها طلب إليها أن تحميه وتشعره بالدفء مما يختلج داخل صدره بل وخائفا طلب إليها أن تقف على جانبه تزيل آثار الوحشة التي سكنت داخله .. وهنا كانت له الأم والزوجة طمأنته وأزالت وحشته ووقفت معه وصدقته بل وجاءت إليه بالبشرى فكانت نعم المؤيد نعم السكن ونعم الزوجة الصالحة .. سيطرت على انفعالاته بل وسيطرت على الخوف بداخله ودفأته بحبها وحنانها ورحمتها وعندما جاءها غمرته بالدفء والحنان وتركته حتى ذهب ما يعتريه من خوف وهلع وأصغت إليه بسمعها لم تقاطعه ولم تجادله..ولم تنشغل عنه بأي شيء صغت إليه بمشاعرها وبكل حواسها ... أشعرته باهتمامها به وحولت دورها من الزوجة إلى الأم الرحيمة فكم هو جميل تبديل الأدوار عند المرأة ، حينما نحتاج إليها من الذين نحبهم .. افرغ ما بداخله لزوجته وحكا لها ما حدث ، وكيف جاءه ذلك الملك العظيم وقال لها كل ما حاوره به وأملاه عليه وهنا جاء دور تلك المرأة الفاضلة في غرس الأمان وشعور الطمأنينة في قلبه وتحويل مشاعره المضطربة الخائفة الوجلة إلى أخرى آمنة مطمئنة و بعد أن زرعت بداخله كل الأمان قالت له بكل حنانها وحبها ورقتها لا تخف ولا تحزن فأنت الصادق الأمين عززت بداخله الثقة الكبيرة بنفسه ، لا تخف فلن يخذلك الله ، هذه هي السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها . فقد سيطرت بحكمتها وحسن تصرفها على كل ما يكتنفه من حيرة وغربه ورهبة... ومن هنا ازداد حبه لها وتمسكه بها .هل رأيتم هذه الحكمة فهي تأرجحت بين الحب والرحمة والحكمة والأمومة والعقل الراجح والسيطرة أين المرأة اليوم من الرجل عندما يحتاج إليها ؟ يأتي إليها خائفا فيسقط من نظرها لأنه رجل ... والنظرة السائدة أن الرجل بدون مشاعر أو انه أداة لجلب المال فقط ! أين المرأة من الاعتناء والرعاية والمحبة الصادقة الخالصة بدون أي مصلحة ؟؟ اين المرأة التي تسيطر على مشاعر الرجل عندما يحتاج إليها ... وتتخبط مشاعره بانتظار ذلك الدفء الذي لا يمكن الحصول عليه إلا من خلالهاأين المرأة من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ؟ أين هي من أن تتخذنها قدوة فيسكن إليها زوجها عندما يحتاجها ويلقى الدفء عندما تجتنبه المخاوف . وعندها قد لا يستطيع الرجل مهما حصل أن يستبدلها بأخرى لأنه يحتاجها ولأنها ترعاه أيتها المرأة لكل رجل مفتاحه الذي تمتلكينه وحدك دون سواك ،ولكن حذار أن تضغطي عليه فتقومين بكسره حتى لا يعبر أبوابه غيرك تحكمي بمصارعيه وابقي أنتي الوحيدة التي تسكنين أعماقه وتسيطرين على قلبه ومشاعره .أتمنى أن تعي كل امرأة ما تسطره الكتب من سيرة أمهات المؤمنين فتتخذهن قدوتها ... عندها تصبح....... رائعة هذه المرأة.