لازلت أراجع وأحاول تقييم ما كتبت حول الأنانية ، وإذ بي أتحدث مع صديقي عنها وأحاول تقييمها وتأكيدها لدي فقال لي أني أتحدث عن مثاليات وما أتحدث عنه لا وجود له في الواقع ، والمقصود هو المشاركة والتعاون ، أي أن أحدهم حينما يجد فكرة معينة ولا يستطيع تنفيذها و يعرضها على من يستطيع فهو بذلك قد فقد حقوق الفكرة وسوف يهنأ بها المنفذ وينسى صاحب الفكرة ، وبدأت في الدفاع عن هذا المبدأ بأن المنفذ لو كان جاحداً فهو ليس غبياً والمفترض منه هو أن يحافظ على المصدر (صاحب الفكرة) فهو بلا شك سيكون مولداً للأفكار وقد يصدر أفضل من الفكرة الأولى ، ثم بدأنا نتحدث عن الحقوق وحفظها وكيف أن الناس لا تجد من يحفظ لها حقها الفكري والإبداعي ، وهذا سبب إحباط للكثير من المبدعين . كنت أتحدث بمثالية بالفعل وأن صاحب الفكرة حينما يرى فكرته ناجحه وقد حققت ما يحلم به ولكنها منسوبة لغيره وقد حظي بعائدها شخص آخر، يجب عليه أن يفرح ويعتز بنفسه لأنها فكرته وهو أول شخص يدرك ذلك ، ولكن هذا صعب جداً ويحتاج إلى شخص مثالي لحد التحليق فوق الواقع ؛ لأن سرقة الحقوق فيه من الغبن والظلم وهو ما يؤدي إلى الأسى والحسرة ، ومن هنا أريد أن أطلق إشارة لعل الجميع يستفيد منها ، وهي أن يتعاون المفكرون والمنفذون وهذه هي أصول العمل المحترف وهذه هي الطريقة المثلى لتحقيق الأهداف للطرفين ، فلنضرب مثالاً بسيطاً يوضح ما أشرت إليه ، حين يكون هناك شخص بسيط لا يملك مالاً كثيراً وهو طموح لتحقيق ثروة فتجده كل يوم يتحدث عن مشروع ناجح و بالتفصيل الممل حتى تظن من حماسه أنه سيبدأ من الغد ، ولكنه في اليوم التالي يأتي بمشروع آخر بعيد كل البعد عن مشروع الأمس ، وحين تسأله عن الأمس يكرر العقبة التي تقف دائماً في الطريق ؛رأس المال ، ولتجاوز هذه العقبة ثمة ثلاثة طرق ؛ الأول هو الذهاب لأحد التجار وعرض الفكرة عليه وطلب التعاون ، الثاني العمل عمل شاق ومتواضع يدر بعض النقود والتقشف حتى يجمع المبلغ المحدد وهذا قد يفوت عليه الوقت و يهدر طاقته ، والثالث انتظار كنز يسقط من السماء ؟! الطريق الأول ممكن في ظل وجود ثقافة لدى التجار تحركهم نحو الطريق الصحيح وكيف أن من جاء بهذه الفكرة لديه عقل خصب مهيأ للتفكير والإبداع ولا يشغله مواعيد وضغوط ، وهذه ما يتمناه التاجر بحيث يحصل على عقل حاضر بدلاً من عقله المشغول ، أما الطريق الثاني فهو نافع إذا تهيأت الظروف المناسبة للحصول على عمل جيد لا يضيع عليه الكثير من الوقت ، أما الطريق الثالث فهو طريق الكسالى والفاشلين الذين لا يأخذون بالأسباب . إذاً ما نتمناه بالفعل هو توفير مؤسسة تحفظ الحقوق ، وكذلك نشر الوعي الاقتصادي السليم في المجتمع لكي نجد التعاون هو سيد الموقف ولكي يسلكوا الطريق المؤدي إلى النمو الاقتصادي لدى الأفراد والبلد ولكي نجد ما يحقق التوازن و لدرء الطبقية في المجتمع التي لا يفترض أن تكون في مجتمع مسلم . أتمنى لكم حياة طيبة عبدالرحمن الحيزان