الإعلام بوسائله المختلفة في عصرنا من أهم الوسائل الحديثة لمخاطبة المجتمعات الإنسانية وترجمة توجهاتها الاجتماعية بمختلف مشاربها الفكرية وتفعيل حراكها ومشهدها الثقافي ونتاجها الفكري والإبداعي فله دور كبير وأهمية بالغة في التأثير على سلوكيات المجتمعات وتوجيه فعلها اليومي حيث يسجل حضوره الرائد لدى الإنسان أكثر من أي وسيلة أخرى فمن الواضح أن سرعة تطور وسائل الاتصال بين الناس اليوم وانتشارها واستقطابها يعد عاملا مهما في تزايد تأثير هذه الوسائل في المجتمع بشكل عام وعلى فئة الشباب بشكل خاص. فنجد فكرا و أفكارا في كثير من الناس منهم من يعتبر رأيه صحيحا وما سواه خاطئا فتتولد لديه الرغبة في فرض الآراء على الآخرين واعتبار أن التنازل عن الرأي عيب حتى وإن كان خاطئا ويصل إلى درجة التمادي في الخطأ والنظر إلى الآخرين نظرة دونية وتحقير آرائهم وأشخاصهم إلى غير ذلك من الأمور التي تصبغ الشخصية والتي تعكس أسلوبا تربويا عقيما بني على مفاهيم غير حضارية بل بعيدة كل البعد عن قيم الإسلام فالبيئة التي تفرز هذه التربية هي بيئة غير مثقفة وغير واعية ولا تمتلك رؤية صحيحة لأهمية التربية في تطور المجتمعات والسبب بعدها عن وسائل الإعلام النظيفة وعدم التهيأ لتطوير الذات بالمحاكاة ومثلا ربما يدعي الكثيرون أنهم يتعاملون مع الزوجة والأولاد بشكل حضاري وأنهم يمتلكون كامل الحرية في التعبير عن آرائهم. ولكن هذا الكلام قد يكون ظاهريا فقط للاستهلاك في المجالس وكثير منه ليس حقيقيا ففي بعض الأسر الطفل والمرأة في المنزل لا يمتلكان أية حرية أو حق في المشاركة في اتخاذ قرار شراء لعبة أوفستان مع أن هذا هو مدخل الحرية وغرس الفضائل فالطفل لا يناقش أحيانا ولا يجد مجالا للإدلاء برأيه أو يعبر في ظل قوة نظام من حوله ومشاهد أخرى في الصف الدراسي بالمدرسة.. المعلم أحيانا هو الحاكم وهو صاحب القرار يأمر وينهى بتسلط كخصال وطباع مديره أولرواسب نفسية في ذاته وتجد البيئة المدرسية مليئة بالأوامروالشد من بداية طابور الصباح لا ننتقص من قيمة الأب في المنزل أو المعلم في المدرسة ولا نطلب منهما التخلي عن حقهما في إدارة مؤسساتها الصغيرة. ولكن ما نطالب به هو حق الآخرين في النقاش والحوار وبالتالي اتخاذ القرار بقصد حصانة الجيل وغرس الثقة فيه وتعويده على سلوكيات حضارية منذ نعومة أظفاره كي ينشأ نشأة أفراد المجتمعات الجديدة فلا يصاب بالقهر والإحباط أثناء لقاءاته بأبناء الأسر المثقفة الواعية ويشاهد وسائل الإعلام الحديثة وأيضا ... إن وسائل الإعلام يفترض أن تمثل المجتمع تمثيلا حقيقيا فتكون مرآة تعكس صورة المجتمع وقيمه وآرائه وأفكاره وعاداته وتقاليده. وكذلك تعبر عن هموم المواطن وطموحه وآلامه وآماله. وهذا الأمر يعتبر صمام الأمان للإعلام كم يفترض أيضا أن تعرض الأخطاء والسلوكيات الممقوتة بإعداد حلقات راقية في التعبير قادرةعلى التغيير بقناعة المتلقي باحترام وأدب وتوجيه بالنقل والعقل من مصادر التوجيه الشرعي كي نقضي على ما بقي من سلوكيات خاطئة تظر الأسرة أحيانا ولنلحق بالركب في المجتمعات الراقية لأن وسائل الإعلام تملك الوسيلة الحديثة والكوادر البشرية والتخصص فيجب أن يكون لها دور كبير بأمانة في التربية وثقافة المجتمع والإشادة بالجميل في السلوك والعادات وأقصد الإعلام النزيه الذي يستمد مواده من مدرسة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لا من الغرب والموضة والفوضى الفكرية والأخلاقية لحماية الوطن وأجياله من الغزو الفكري والأخلاقي فالأب أو الأم مثلا يختاران لطفلهما ملابسه وألعابه ويرسمان له طريقة حياته بل يعودانه أحيانا في بعض المجتمعات التقليدية على صفات مذمومة مثل الكبر والغطرسة واحتقار الآخر ... و يغرسون في نفسيته الانقسامات الاجتماعي القبلية والاقليمية والحضرية والبدوية والفتوة والقوة وإذا نشأ الطفل في مثل هذا الجو فكيف نتوقع أن يتعامل مع الآخرين؟. بالتأكيد سيكون نسخة طبق الأصل للنماذج التي يراها في بيئته المحيطة به وسيحتاج لمرحلة تعليم وتثقيف جديدة لإزالة الصدأ وتطهير فكره من تتك الثقافة كي يهدأ ليسعد مع أقرانه داخل المدرسة بعد رحلات الشحن النفسي التي مر بها داخل أسرته فقلة الحوار وعدم إبداء الرأي داخل الأسرة والمؤسسة التعليمية وغيرها نموذج واضح لأساليب التحكم التي توارثتها الأجيال. وبالرغم من أن الجمهور ربما لا ينتبه لهذا الأمر فإنه ينغرس في اللاوعي عند الفرد وينشأ بالتالي الطفل على هذا ومتوترا يرى سلوكيات صعبة ومزعجة في التعامل مع الآخرين.وتزداد المسألة تعقيدا إن النقد والحوار والاختلاف في الرأي هي بعض مظاهر الحرية الإسلامية التي يجب أن يتربى الطفل عليها ويجب أن تتكرس في المجتمعات فالمدراء الذين يفرضون آراءهم على الآخرين بجفاف وتصحر ثقافة إدارة في العمل تجد الموظف مثلا لا يستطيع أن يناقش ويخضع لرأي رئيسه دون نقاش بل ينافقه ويؤكد بعبارات لا تقبل التأويل حصافة رأيه وحنكته وصدق نواياه وسعة اطلاعه وحتى إدراكه لأبعاد القضية المطروحة. ففي المرحلة التي تمر بها البشرية حاليا لا بد من إحداث نقلة نوعية على المستوى الاجتماعي والثقافي ونحن أحوج ما نكون لهذه النقلة على المستويين الاجتماعي والثقافي بغية تحقيق الانتقال الصحيح انظر مثلا لمدير مؤسسة حكومية أو أهلية مؤهل علميا أكاديميا وأخلاقيا تجده يجلس بين الموظفين ووسط المراجعين ويناقش بأخلاقيات عالية تغرس الود والألفة في هذا المجتمع يقدم رسالة عمل و إعلام وتغيير في السلوكيات من الواقع الميداني شعاره المسلم أخو المسلم فتلمس التغير في سلوكيات موظفيه وتجدهم متقاربين فريق عمل منتج في بيئة ود ونظام وحضور ذهني بينما تجد المدراء الطووايس المتغطرسين والجلاوزة من صباح الخير وهم في صمت وكبر أو صراخ واحتقار لمن حوله فكأنه وظف ليشاد به وبشخصه الكريم لا بإنتاجه وخدمته لوطنه ولمجتمعه والرسالة التي وظف من أجلها وتصرف له الدولة الرواتب من أجل خدمة المواطن ... وهذا كثير بالمناسبة في مجتمعنا وتجدهم متلونين فتراهم في لون مع المراجع وبلون آخر مع موظفيهم ......... لذ نقول الإنسان يحتاج منذ طفولته إلى جرعات توعية حول أنماط سلوك المسلم والمسألة تبدأ طبعا بتغيير التصورات وهي مسألة في غاية الصعوبة لكن تغيير السلوك لا يمكن أن يتم إلا من خلال تغيير القناعات وتعديل المفاهيم وإشاعة التوعية ثم الإرشاد نحو السلوك الإسلامي السليم وبالطبع يكون ذلك أحيانا بأسلوب مباشر ضمن برامج إعلامية خاصة وأحيانا أخرى بأساليب غير مباشرة من خلال عرض قضايا مختلفة تتضمن إشارة إلى الأنماط السليمة والأنماط الخاطئة في السلوك. وخلاصة الأمر أن للإعلام دورا هائلا في التغيير وفي التأثير على الفرد بخاصة على الأطفال الذين أصبحوا في عصر الاتصال يعتمدون بدرجة كبيرة على التلفزيون وأجهزة التقنية الحديثة فالإعلام أصبح في الوقت الراهن أداة قوية في التغيير وفي توجيه الرأي العام، وفي صياغة أنماط العلاقات الاجتماعية خاصة الذي يستمد مواده من العقيدةالإسلامية التي أنشأت العلماء والمفكرين والجهابذة ومجتمعات متحابة فهو أداة التغيير في المستقبل و حجر الأساس في تطوير العديد من الجوانب الحياتية وأجزم بأن الانفتاح على العالم الذي حصل نتيجة تطور وسائل الاتصال سينقل التجارب والخبرات فيجب أن يديره أهل أمانة لنحسن الاستماع إليه وقراءته ومشاهدته باهتمام واطمئنان على أجيالنا لقد تطورت وسائل الإعلام والاتصال والتقنية ولن يجد عندها الآباء إلا التوعية وعدم الاستسلام للإعلام الهابط لذ يجب أن نتهيأ بالتوجيه للأبناء بأساليب الحصانة والثقة ونجسد سياسة الحوار مع الطفل والمرأة بقناعات وفكر إسلامي نوضح فيه الغث والسمين لتحصين أبنائنا علميا وثقافيا أخيرا أقول هذا جهد مقل وادعوا لنا بالهداية والأجر من الله وشكرا لكم