خاطره تجول من حين لأخر في نفسي ، يستجرها الواقع الذي أعيشه مع نفسي وأشاهده في من حولي من أهل الدعة والكسل . إلى عُشاق الحُفر وساكنيها ، ، الراكنين إلى الدعة والراحة،، الذين يهابون صعود القمم والخوف من النظر من أعلى . أقول لهم : يقول ابن الجوزي _رحمه الله_ : (( فينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية مايمكنه، فلو كان يتصور للآدمي صعود السموات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالإرض،،،أ.ه] لقد وهب الله تعالى الإنسان عقلا ليفكر فيه ، ونفسا تواقة رفيعة ليرفرف معها في عالي الاماني ، ويبني لها قصرا مشيدا ولو في الخيالات والأحلام ، قال عليه الصلاةو السلام ( إذا سألتم الله الجنة فسألوه الفردوس الأعلى ) وأن هذا الإنسان وهبه رب العالمين قوة تقاسم قوة الجبال بل تعلوها وتدكها دكاً،، فبين تفكيره العقلاني ، وقوته النافذة ، وإرادته القوية ، يحقق ما كان خيالاً أو حلماً في يوم من الأيام . ولكن ... إن عجزاًُ يراود النفوس ، ويجثم على القوة والإرادة فيحطمها تحطيما ، وتكاسلا وتباطؤاً .... يُحدث الملل والسأمة من مواصلة مشوار النجاح ، لأن غالب مشاوير النجاح طويلة وشاقة .... إن أكثر ما يقض المضاجع أن ترى من ارتضى لنفسه العيش بين الحُفر والأوحال والنتن ، ومن يسلب نفسه النجاح والتفوق ليبقى بين الراسبين وهو قادرٌ على أن يقوم على رجليه وينفض عنه غبار الأوهام ، ويلبس لبوس الفلاح والنجاح . يقول عمر الفاروق رضي الله عنه : ( أعوذ بالله من جلد الفاجر وعجز الثقة ) إن الذي ينظر للقمة على أنها صعب المنال فإنه لن يصل وأنه لو حاول و سار قليلا فسوف يقف أو يسقط وتدحرج إلى القاع ... ومن يتهيب صعود الجبال عش أبد الدهر بين الحفر إن مخادعة النفس أمراً لازماً لإقناعها بأنها هي الأفضل ، ليس لمجرد التفاخر والتعالي والتكبر، فذاك هو عين الخذلان والنكوص بل لإقناعها بأن لها وجودها وتميزها لتحقق ما هو أكمل ... فإذا رضيت النفس بواقعها الذي عليه فهذا بداية الهوان والتقاعس وبداية الهزيمة . إذ كيف تتقدم وهي تظن أنها قد بلغت الكمال - ومن ظن أن التميز والنجاح والصعود للقمم يأتي بلا تعب ولا جهد فذاك ظن الجاهلين , - ومن ظن أن الطريق معبد بالورود والرياحين فذاك ظن المغترين . - ومن ظن أن الطريق سيبقى خالياً حتى يأتيه فذاك ظن المفلسين . .. إن الطريق للقمم والوصول للمراتب العُليا يبدأ بخطوة ، وليس له نهاية إلا انقطاع النفس وخروج الروح .... قال تعالى ( والليلل إذ أدبر * والصبح إذا أسفر * إنها لإحدى الكبر * نذيرا للبشر * لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر * ) . ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام يقول علي الطنطاوي - رحمه الله - : (وإن في النفس الإنسانية لقوى إذا عرفتم كيف تفيدون منها صنعت العجائب )) . فعش دائما وأنت تنظر للقمة وتصعد إليها ، ولا تقف حتى تبلغ مرادك .. ولا تنس أن تستعين بالله تعالى فهو خير المعين والمسدد والموفق .. كتبه محمد بن فرحان العنزي